السبت، 8 يناير 2011

الأموات الأحياء

في عام 1918 تقدم إلى شركة السكر الأمريكية الهاييتية تسعة فلاحين للعمل في جني المحصول قصب السكر. كان الفلاحون بحالة يرثى لها تدعو إلى الأسى والحسرة. وكانوا يقفون صامتين بثيابهم الممزقة والبؤس باد عليهم. تقدم رئيس العمال في جوزيف وزوجته كونستانس من مسئول الشركة وطلبا منه أن يقبل هؤلاء الفلاحين الخجولين القادمين من قرية جبلية بعيدة. ولما استفسر عن صمتهم أخبره جوزيف بأنهم لا يعرفون الحديث إلا بلهجتهم المحلية الغريبة.

قبل مسئول الشركة أن يجربهم ذلك اليوم، واتفق مع جوزيف على أجر كان الأخير سيحتفظ بجزء منه لنفسه كعمولة. وفي مساء ذلك اليوم أثبتت المجموعة جدارتها بالعمل، حيث إنها عملت طوال النهار بجد ولم تتناول طعامها إلا في المساء بعد انتهاء العمل، وبعد أن جمعت من قصب السكر كمية لا تضاهيها كمية أخرى. و ظلت المجموعة تعمل كذلك طوال أسبوع كامل في ظروف جوية صعبة مفعمة بالحرارة والرطوبة دون كلل أو ملل.

في عطلة نهاية الأسبوع توجه جوزيف إلى عاصمة هاييتي، بورتو برنس، لينفق الأموال التي جناها من عرق العمال، ورأت زوجته أن تصطحب المجموعة الغريبة من العمال إلى ساحة الكنيسة في البلدة. وهناك ابتاعت لهم بعض الحلوى، وحالما وضعوا قطع البسكويت في أفواههم راحوا يبكون وينتحبون، ثم هرعوا باتجاه الجبال ميممين صوب قريتهم.

في القرية استقبلهم أقاربهم وأصدقاؤهم بشوق وترحاب، ذلك أنهم كانوا مجموعة من أهالي القرية الذين تم دفنهم قبل بضعة شهور. لقد كانوا في الحقيقة من أتباع الديانة الودنية التي قد يعود أمواتها إلى الحياة عندما تدخل قوة فوق طبيعية أجساد الموتى فتحييها. وقد نشر هذه القصة فيما بعد الكاتب والمستكشف الأمريكي وليام سيبروك الذي عاش في هاييتي في عشرينات القرن الماضي.لقد ظلت حدود هاييتي حتى عام 1844 تشتمل على المستعمرات الإسبانية هسبانيولا التي نزل فيها كريستوفر كولومبس أثناء رحلته لاكتشاف العالم الجديد. وكان سكان جزيرة هايييتي من هنود الكاريبي، لكن الأوروبيين استأصلوا طوال الخمسين سنة التي تلت وصول كولومبس إلى الجزيرة، جميع السكان الأصليين، وأحلوا محلهم العبيد الذين كانوا يستقدمونهم من أفريقيا مع هؤلاء العبيد كذلك إيمانهم بالسحر والشعوذة الذي تطور في هاييتي إلى نوع من الديانة عرفت بالديانة الودنية.

تعاقب على جزيرة هاييتي عدة مستعمرين. فبعد الأسبان جاء الفرنسيون الذين أخذوا يستغلون جهد العبيد في استثمار خيرات الجزيرة من سكر، وبن، وقطن، ومع مجيء الثورة الفرنسية عام 1789 كان يعيش في هاييتي 40 ألف فرنسي يستغلون نحو نصف مليون عبد يعملون في الجزيرة. وكما تحرر الفرنسيون في وطنهم الأم نتيجة لمبادئ الثورة الفرنسية، فإن سكان هاييتي أخذوا يتطلعون بدورهم إلى التحرر والاستقلال.

ثار عبيد هاييتي بزعامة كاهن غامض وطبيب ساحر يدعى بوكمان. أخذ بوكمان يعزز عقيدة الودنية في نفوس عبيد الجزيرة ويرسلهم لمحاربة الفرنسيين دون خوف من الموت لأنهم سيحيون بعد موتهم حسب عقيدتهم. وبقدر ما أبدى الفرنسيون من وحشية في قمع الثورة، فإن عبيد هاييتي ردوا الصاع صاعين للفرنسيين. وفي نهاية الأمر حصلوا على استقلالهم.

غير أن الجزيرة شهدت حربا أهلية بعد الاستقلال نتيجة التدخلات الفرنسية والبريطانية في شؤون هاييتي. وأخيرا خضعت الجزيرة من عام 1915 وحتى عام 1934 لحكم الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن عدم  الاستقرار استمر في الجزيرة طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات. وفي عام 1957 نجح الطبيب الدكتور فرانسوا دوفاليه بتسلم زمام السلطة في هاييتي، وكان معروفا هناك باسم بابا دوك.      

لقد استغل دوفاليه الديانة الودنية لتوحيد شعب الجزيرة، وتحول في عام 1964 إلى دكتاتور متسلط، وأعلن نفسه رئيسا مدى الحياة، وترك شعبه يغرق في الجهل والخرافات. كما أعلن نفسه رئيسا لكهنة الديانة الودنية، واستعان بالشرطة السرية التي كان أفرادها يعملون كذلك باعتبارهم أطباء سحرة. لقد عزز بابا دوك الديانة الودنية وشجع شعبه على الإيمان بعقيدتها، وأعلن أنه يمتلك قوى خارقة هو ورجاله بغرض إرهاب معارضيه.

هكذا انشغل سكان الجزيرة أثناء فترة حكمه بخشية خروج أحبابهم من قبورهم، فأخذوا يكدسون الحجارة الثقيلة والصخور فوق كل قبر، ويحرسون القبر عدة أسابيع حتى لا تدخله الأرواح وتحي الميت. وفي حالات أخرى أخذ أقرباء الميت يحقنونه بالسم أو يطلقون عليه النار بعد موته حتى لا يخرج من القبر ويعيش ثانية مسلوب الإرادة ومعطل التفكير.

يبد أن هذه التصرفات أخذت تقابل بالاستياء والاستنكار في الغرب وخاصة في أمريكا التي هدد آنذاك كينيدي في عام 1962 بقطع المعونة عن هاييتي إن لم يقلع دوفاليه عن سياسته ويعطي شعبه حريته وحقوقه الإنسانية. لكن اغتيال كينيدي بعد ذلك عزز مكانه دوفاليه وسيطرته على هاييتي وشعبها، بحيث ازدادت الأمور سوءا هناك.

في عام 1971 توفي فرانسوا دوفاليه فخلفه ابنه جان كلود البالغ من العمر 19 عاما، وأعلن نفسه رئيسا لهاييتي ولقب نفسه بلقب بيبي دوك. وكان الغرب يأمل أن تتحسن الأحوال بعد موت دوفاليه الأب، غير أن الأمور ازدادت سوءا مع الابن، واستمر الحكم يعتمد على السحر وإرهاب الشعب بالقوى الخارقة. ولما هدد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بقطع المعونة مجددا عن هاييتي واستنكر تصرفات عائلة دوفاليه، ردت العائلة في عام 1978 بدفن عجل حي مع صورة الرئيس كارتر في حفرة بوسط العاصمة بورتو برنس كتعويذة ضد كارتر. وكان وراء هذا العمل أرملة بابا دوك، السيدة ماما دوك دوفاليه.

بعد عامين من ترك كارتر البيت الأبيض بعد أن فشل في تجديد فترة رئاسته، قام عالم في جامعة هارفارد يدعى ي واد دافيس بدراسة حول الأموات الأحياء في هاييتي حيث تبين له صحة الأمر. هناك أشخاص عادوا إلى الحياة فعهلا بعد دفنهم.

قابل دافيس أحد العائدين من غياهب القبر وكان يدعى كلارفيوس نارسيس ففي عام 1962 أعلن مستشفى ألبرت شويزر في العاصمة بورتو برنس وفاة نارسيس، غير أن الأخير عاد إلى الظهور حيا في قريته بعد سنتين.

لقد أشار نارسيس إلى ندبة في خده قال إنها من أحد المسامير التي تم تثبيتها في النعش. كما أنه أخذ أهل قريته ودلهم على قبره الذي خرج منه وجعلهم يشاهدون النعش الخالي. يقول بارسيس : إن إخوته قتلوه بعد خلاف على بيع الأرض، وأن طبيبا ساحرا ساعده على الخروج من قبره بعد فترة على دفنه لا يستطيع تقديرها.

كما قابل دافيس امرأة قتلها ذووها بالسم لأنها رفضت أن تتزوج العريس الذي اختاروه لها بعد أن وجدوها حاملا من رجل آخر.

يقول دافيس في تفسير مثل هذه الحالات بأن الوفاة لم تكن حقيقية، وإنما كانت نوعا من التخدير أو التعطيل المؤقت لوظيفة القلب والجهاز العصبي. ثم قارن بين حالات وجدها في هاييتي وحالات مماثلة في اليابان بعد تناول وجبة من الأسماك السامة ـ السمكة المنتفخة puffer fish ، حيث قرأ عن حالتين صحا الميت في كل منهما قبل دفنه.

بعد كشف الدكتور دافيس عن سر قيام بعض الموتى وعودتهم إلى الحياة تقلصت سلطة بيبي دوك دوفاليه، وفقد السيطرة على شعبه. ثم هرب في عام 1986 من قصره في بورتو برنس ولجأ إلى فرنسا. وبرغم التفسير العلمي الذي قدمه دافيس لعودة بعض الموتى إلى الحياة، فإن الأطباء السحرة في هاييتي اجتمعوا بعد هرب بيبي دوك، وأنذروه بعدم العودة إلى هاييتي ثانية وإلا حولوه إلى ميت حي ( زومبي).

 

غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض

غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق