الأربعاء، 12 يناير 2011

من يجيب؟ .. أين الموناليزا ؟

قد يبدو جواب هذا السؤال بديهيا: في متحف اللوفر. يبد أن الأمر ليس بهذه الدرجة من السهولة. لقد عرفت أوروبا الموناليزا باسم الجيوكاندا أو المرأة الباسمة وهي تعني في الانجليزية القديمة مرحة. هذه اللوحة رسمها كما يعلم الجميع الفنان الايطالي العظيم ليوناردو دافنشي الذي ولد في المدينة الصغيرة فنيسيا بالقرب من فلورنسا في عام 1452. وقد كانت مونايزا مونا هي اختصار لكلمة مادونا حين التقاها ليوناردو أول مرة امرأة شابة في الرابعة والعشرين من عمرها. متزوجة من رجل يكبرها بعشرين عاما يدعى فرانكو ديل جيوكوندو، وكانت، حين شرع ليوناردو يرسمها حوالي 1500، ق فقدت طفلا لها. ويقول فاسارسي، كاتب سيرة حياة ليوناردو، لقد توجب على زوجها أن يستأجر المهرجين والموسيقيين كي يولدوا فيها الابتسامة في الجلسات الأولى أمام الرسام.

لقد انتابت ليوناردو الهواجس حول لوحته فاستمر برسمها سنوات عديدة كان في أغلبها غير راض عن عمله، وهذا هو أصل الروايات التي أشاعت أنه ارتبط بعلاقة حب معها، بل إن بعضها قالت إنها خليلته وهو أمر بعيد الاحتمال إذا ما علمنا أن ليوناردو كان مصابا بالشذوذ الجنسي، وقد تبنى فكرة زهيدة حول الجنس حيث يقول بأسلوب سوفيتي ساخر: إن عمل الجماع والأعضاء التي تقوم بتأديته لشيء بشع جدا وإن لم يكن ذلك من أجل جمال الوجوه فإن الجنس البشري سيفقد إنسانيته. ومع ذلك كان ثمة شيء حول مادوناليزا جعله يكافح من أجل إظهار سيماءها لمدة ست سنوات على الأقل وربما أكثر. ويقول انتونيا فالانتين، كاتب سيرته، بأنها سحرية أكثر من أي امرأة قابلها في حياته، وعندما غادر فلورنسا عام 1505 أعطى اللوحة لزوج مونايزا وهي لم تنته بعد ولكنه بقي يعمل فيها في فترات عودته.

يقول جورجيو فاساري في كتابه سير الرسامين بأن ليوناردو قضي أربع سنوات في رسم ماناليزا وتركها وهي لم تنته بعد أن هذا العمل هو الآن في حيازة فرانسيس ملك فرنسا في فنوتينيلو. ونحن نعتقد أن هذا العمل هو أشهر لوحة موجودة الآن في متحف اللوفر. ومع ذلك فإن هذا يثير التساؤل والحيرة، فلقد أعطى ليوناردوا اللوحة للرجل الذي حصل على عمولة من إيراد بيعها وهو زوج الموناليزا في عام 1505.

بعدها بأربعين عاما أو أكثر عندما كان فاساري يكتب سيرة حياة ليوناردو كانت اللوحة بحيازة فرانسيس الأول ملك فرنسا، ومن المؤكد أن عائلة جيوكوندو لم تكن لتتخلى عن رائعة ليوناردو بهذه السهولة؟ علاوة على أن لوحة اللوفر تبدو مكتملة بشكل واضح.

ثمة حقيقة مهمة أخرى. ففي عام 1584 أصدر مؤرخ الفنون جيوفاني باولو لومازو كتابا عن الرسم والنحت والعمارة يشير فيه إلى الجيوكندا و الموناليزا كما لو أنهما لوحتان منفصلتان والكتاب مهدا إلى دوق كارلوس ايمانويل دوق سافوي العظيم الذي كان شديد الإعجاب بليوناردو، لذا لم يبد على الأرجح أن ذلك كان مجرد زلة قلم. جيوكندا اثنتان؟ أين الأخرى إذا؟ والأهم من ذلك، من تكون الجيوكوندا الثانية؟

إن جواب السؤال الأول والذي يدعو للاستغراب هو في متحف اللوفر. وأن اللوحة الأكثر شهرة في العالم والتي استنسخت أكثر من أية لوحة أخرى في التاريخ هي على الأغلب ودون ريب ليست الموناليزا التي كنا نتحدث عنها. إذن أين لوحة المرأة التي سحرت ليوناردو مما حدا به إلى عدم إنهاء رسمها؟       

ثمة دليل يرينا أن لوحة موناليزا الأصلية هذه قد جلبت من ايطاليا في منتصف القرن الثامن عشر وأخذت إلى بيت فخم لرجل نبيل في سوفرست. وقبيل الحرب العالمية الأولى اكتشفها في باث خبير في تذوق الفن يدعى خهيوبلكير وقد التقطها مقابل بضعة جنيهات وأخذها إلى مرسمه في جزيرة دورث ومن هنا أصبحت معروفة بموناليزا جزيرة دورث. وكانت أكبر من لوحة متحف اللوفر، والأهم من ذلك أنها لم تكن مكتملة حيث لم يكن في المنظر الخلفي سوى خفيفة. وقد تركت لدى بليكر انطباعا قويا، إذا كانت الفتاة أصغر وأجمل من موناليزا متحف اللوفر. وشعر بليكر بأن موناليزا الجديدة هذه تتوافق بأحكام مع وصف فاساري أكثر من لوحة متحف اللوفر.

كتب فاساري بحماسة مفرطة عن واقعيتها قائلا: للعينين ذلك البريق واللمعان الباهت الذي اعتدنا أن نراه في حياتنا اليومية. وحولها كانت تلك اللمسات من اللون الأحمر والأهداب التي صورت بحذق عظيم. وانفراج الفم منضما بالشفاه الأحمر إلى مجوعة اللمسات اللونية للوجه التي بدا من خلالها اللحم كأنه غير ملون وإنما نابض بالحياة.

يتساءل السيركينيت كلارك مستشهدا يهدا المقطع في كتابه عن ليوناردو. ومن الذي يميز آلهة اللوفر الفاتنة؟ الذي أجاب عليه بليكر قائلا: آه بالضبط. ولكن الوصف ينطبق على موناليزا جزيرة دورث.

هناك نقطة أساسية أخرى يبدوا أنها ترقى فوق كل شك وهي أن لوحة بليكر  هي موناليزا ليوناردو. وقد شاهدها الرسام رافاييل في رسم ليوناردو حوالي عام 1504 وعمل فيما بعد مخططا لها ويرينا المخطط عمودين إغريقيين في كل جانب، وهذه الأعمدة يمكن أن تراها في موناليزا جزيرة دورث ولا يمكن أن نراها في لوحة متحف اللوفر.       

يؤمن بليكر بأن موناليزا جزيرة دورث هو عمل أكثر جمالا من الآخر، والكثير من خبراء الفن قد اتفقوا معه. ومن الصحيح القول أن لوحة متحف اللوفر لها الكثير من المعجبين.

كتب والتر باتر مقطعا منمقا عنها في كتابه النهضة الأوروبية يقول فيه: إنها أقدم من الصخور التي تجلس عليها وهي كالهامة قد ماتت مرات عديدة. وقد أحس و. ب. بيتر بجمال الكلمات مما حدا به إلى تقطيعها إلى أبيات من الشعر الحر، وطبعها كقصيدة في كتابه للشعر الحديث.

من جهة أخرى كتب عنها برنارد بيرنسون الخبير في تذوق الفن قائلا: إن الذي شاهدته حقا في هيئة موناليزا هو تلك الصورة المنفرة للمرأة التي هي خارج مدى تعاطفي وخارج نطاق اهتمامي. محترسة، منكتمة مأمونة، مع ابتسامة الرضا المتوقع والجو الغامر للترفع المعادي. لقد شعر أن جمال موناليزا متحف اللوفر قد ضحي به قربانا للبراعة الفنية. ولا يمكن لأحد أن يقول هذا عن موناليزا جزيرة دورث المفعمة بالحياة والحيوية.

لكن إذا لم تكن سيدة متحف اللوفر هي ليزا ديل جيوكوندو التي تخص ليوناردو فمن تكون 'إذن؟ وهناك حقيقة أكثر أهمية وقد وجدت في وثيقة ما من قبل انطونيو بينس سكرتير كاردينال اراغون.

فعندما ذهب ليوناردو إلى قصر فرنسيس الأول عام 1517 زاره الكاردينال ودون السكرتير الحديث الذي دار بينهما. وقد عرض ليوناردو أعمالا على الكاردينال من ضمنها القديس جون ومريم العذراء مع القديسة آن و صورة شخصية لسيدة ما من فلورنتين رسمت على الطبيعة بناء على طلب نبيل سابق يدعى جيوليانو دي مديسي.

 في كتابها عن سيرة حياة ليوناردو. تخمن انتونيا فالنتاين بأن هذا العمل هو موناليزا وتتساءل: هل أحب جوليانو دي مديسي موناليزا في صباها. وهل كان بفكر باشتياقها وهي متزوجة من السيد ديل جيوكوندو، وهل أعطى ليوناردو عمولة ليرسم صورتها الشخصية؟

لكن هذا المشروع الوهمي الرومانسي المبهج حطمه البحث المجرد في التواريخ. فقد كان جوليانو دي مديسي شقيق لورنزو سيد فلورنس الرائع قد قتل في كاتدرالية فلورنس عام 1478. وكان المتآمرون، هم على الأغلب أصحاب موائد القمار المتنافسين، يتمنون أن يقتلو لورنزو أيضا، ولكنه كان أكثر دهاء منهم. كل هذا حدث قبل أن تولد موناليزا بسنة. إذن من هي تلك السيدة التي رسمها ليوناردو بناء على طلب جيوليانو دي ميسي؟ الجواب في الغالب ودون ريب هو كوستانزا دي   افالوس، خليلة جيوليانو، السيدة ذات الخلق الحسن والتي عرفت بالسيدة الباسمة. لا جيوكوندا.

هكذا يبدو أن اللوحة الموجودة في متحف اللوفر قد وضعت تحت عنوان الموناليزا بسبب سوء فهم بسيط. وموضوع هذه اللوحة يمثل بشكل واضح امرأة في العقد الثالث من عمرها وليس في العقد الثاني كما تبدو موناليزا ديل جيوكوندو.

أخذها ليوناردو معه إلى فرنسا ثم انتقلت إلى مجموعة فرنسيس الأول وأخيرا استقر بها المقام في متحف اللوفر. أما موناليزا غير المكتملة فقد بقيت في إيطاليا ثم جلبت إلى انجلترا وقد اشتراها هيو بيكر عام 1914.

في عام 1962 اشتراها مقابل مبلغ ضخم من المال دون أن يكشف عن مقداره، والذي يساوي الملايين دون ريب. مؤسسة سويسرية تبيع مواد للنشر في عدة صحف ومجلات في وقت واحد يترأسها جامع الأعمال الفنية الدكتور هنري. ف. بولترز. ومنذ ذلك الحين ألف بولترز كتابا صغيرا أسماه أين الموناليزا؟ معلنا فيه مطالبته بلوحته التي تمثل مادوناليزا دي جيوكوندو. وموضوع النزاع الذي تناوله بولترز بسيط، فهناك جيوكونداتان اثنتان، حيث أن المادوناليزا الحق الكامل في أ، تدعو نفسها باسم زوجها بنهاية مؤنثة. ولكن ثمة موناليزا واحدة فقط وهي ليست في متحف اللوفر وإنما في لندن.

 

ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق