الاثنين، 10 يناير 2011

حفرة المال .. من دفن الكنز؟

يحتوي خليج ماهون في نيوفاوندلاند على عدد من الجزر بقدر عدد أيام السنة، وقد قرر في صيف عام 1975 شاب يدعى دانيال مك غينيس أن يستكشف واحدة من هذه الجزر، ومن دون أغلب الجزر الأخرى كانت هذه الجزيرة مغطاة بأشجار السنديان،إذا فلما يوجد شجر في الشمال الأقصى. وقد أثار دانيال اهتمام الآخرين باكتشافه إشارات واضحة تدل على سكن البشر على الرغم من أنها لم تكن حديثة العهد. ومن المستبعد أن يكون المستوطنون قد اختاروا مثل هذه البقعة النائية، فإن هذه الإشارات كانت تدل على أن الزوار كانوا إما هنودا أو قراصنة. وقد قضى المراهق حياته كلها الساحل الشرقي من خليج ماهون مع حكاياته عن القرصنة والكنز المخفي. وعندما وجد بالصدفة شجرة سنديان وقد تعلقت في أحد أغصانها السفلى بكرة لرفع الأثقال تعود لسفينة ما، أيقن أنه في أثر كنز مدفون لأحد قراصنة البحر. وقد ازداد اندفاعه عندما لاحظ غورا تحت شجرة السنديان، مفترضا أن ثمة حفرة قد نقبت هناك ذات يوم ومن ثم طمرت مرة أخرى.

اندفع دانيال مك غينيس إلى بيته وطلب المساعدة من صديقيه الحميمين. وفي اليوم التالي عاد معه إلى الجزيرة جون سميث البالغ من العمر عشرين عاما وانتوني فاوتمان وعمره ثلاثة عشر عاما وهم يجملون المعاول و المجارف. وفي خليج صغير على شكل هلال في الساحل الجنوبي الشرقي من الجزيرة، وجدوا جلمودا نصف على شكل هلال   مدفون وقد ثبت عليه مسمار بحلقة، وكان ثقيلا ومصنوعا من الحديد وكانت الحلقة صلبة إلى درجة أنها كافية لربط مركب كبير. ومن هناك شقوا طريقهم إلى داخل الجزيرة. اكتشفوا بقايا طريق جيد رغم وجود بعض العشب فيه يمتد ما بين الركن الشرقي الشمالي والركن الغربي الجنوبي من الجزيرة.

في أرض مقطوعة الأشجار وجدوا أن الغصن الموجود فوق الصخور والذي طوله ستة عشر قدما قد فصل عن الجذع بحوالي أربعة أقدام وأن لحاء الشجرة كانت فيه علامات خدوش عميقة تدل على أنها آثار حبل ملفوف على الجذع. ولكن عندما حاولوا أن يصلحوا بكرة الحبال، سقطت وتهشمت إلى أجزاء.

شرع الأولاد يعملون بالمعاول والمجارف حتى وجدوا أنفسهم في نفق عمودي دائري بعرض ثلاثة عشر قدما وجدرانه من الطين الصلد المزرق الذي لم تزل آثار المعاول التي استخدمت لحفره عليه واكتشفوا بعد حفرهم أربعة أقدام طبقة من الأحجار المربعة، ولم تكن هذه الأحجار من الجزيرة ولا بد أنها جلبت من النهر الذهبي الذي يبعد عن الجزيرة بمسافة ميلين.

في عمق عشرة أقدام، وجدوا بالصدفة قطعا كبيرة مرصوفة من خشب السنديان وممتدة عير النفق ونهاياتها مثبتة بقوة في الجدران وكانت كلها متعفنة وتوحي إلى أنها تركت هناك لعدة أعوام. فقاموا بخلع القطع وسحبها إلى الخارج النفق يحدوهم الأمل في كل لحظة في أن يجدوا صناديق خشبية مليئة بالدبلونات والأحجار الكريمة. لقد خاب أملهم فلم يكن ثمة غير الطين. وفي عمق عشرين قدما وجدوا بالصدفة طبقة أخرى من قطع الأشجار ومن ثم وجدوا طبقة ثالثة على عمق ثلاثين قدما. وأخيرا بعد أن أدركوا أن المهمة كانت أكبر من قدرتهم، قرروا الاستسلام على الرغم من أنهم مقتنعون بأن الكنز يبعد بضعة أقدام عن متناول أيديهم. وعندما كانوا يجرون أذيال الخيبة وهم في طريقهم إلى البيت، بدئوا يخمنون بالكدان مغامرتهم الصبيانية لا بد وأنها أدت إلى موت خمسة رجال وأنفاق مئات الآلاف  من الدولارات.

بما أن تنقيب الحفرة يحتاج إلى آلات وكمائن كما هو واضح فقد حاول الأولاد أن يجمعوا رأس مال من أصدقائهم فلم يعرهم أحد أي اهتمام. وكان الكثير من سكان البلدة يؤمن بأن المكان مسكون بالأشباح. وأخذ الطاعنون في السن يتذكرون أنهم عندما كانوا أطفالا كانوا يلمحون أضواء غريبة في الجزيرة شبيهة بالنيران التي تضرم في العراء ويشاع أن بضعة رجال من البلدة قد ذهبوا بمركب ذي مجاديف للتحري ولم يرهم أحد بعد ذلك. وإزاء فقدان الهمة اضطر صيادو الكنز أخيرا إلى الاعتراف بالهزيمة. ولكن عندما تزوج دانيال وجون انتقلا إلى جزيرة التي أطلقوا عليها اسم جزيرة السنديان.

بعد تسعة أعوام من تلك الزيارة الأولى أصبحت زوجة سميث حاملا فأخذها زوجها إلى الجزيرة الرئيسية للولادة. وعندما كانت هناك تحدثت عن اكتشاف زوجها مع طبيب يدعى سيمون لاينذر. وقد أثار الموضوع اهتمامه إلى درجة أنه جمع رأس المال الكافي من أصدقائه. وفي عام 1803 بدأ العمل مرة أخرى في حفرة المال وقد ترسبت في السنوات الفاصلة بين المحاولتين كمية من الوحل في قعر الحفرة وكان لابد من إزالتها قبل أن يعثر على العصي التي تركها الأولاد الثلاثة كإشارة للبقعة التي عملوا فيها.

باستخدامهم نظام الحبال والبكرات والدلاء، وصلوا على عمق ثمانين قدما عن السطح دون أن يجدوا أي أثر للكنز الذي كانوا يأملون أن يكون هناك. وفي الأسفل من ذلك بدأ يصادفهم حاجز جديد بعد كل عشرة أقدام. وكما هي الحال بمثل هذه المغامرات لم يحتفظ صيادو الكنز بسجل للأحداث فثمة أمر مشوش حول تعاقب الطبقات التي كانت تصادفهم بشكل متوالي. وتصف إحدى الروايات الطبقات المتوالية كما يلي: في عمق أربعين قدما هناك طبقة من السنديان مكسوة بمعجون وعند عمق خمسين قدما ثمة سنديان صرف وعلى عمق ستين عمقا يوجد خشب سنديان مع ألياف جوز الهند ومعجون ومن ثم سنديان صرف عند عمق سبعين قدما وعند عمق ثمانين قدما هناك طبقة أخرى من السنيان مكسوة بالمعجون. وقد أصبح الباحثون بعد ذلك على قناعة أن الحفرة قد حفرها قراصنة.

إذا كان المعجون من النوع الذي يستخدم في السفن وقد أخرجت كمية من خارج الحفرة وكانت كافية لتثبيت زجاج شبابيك عشرين بيتا  في خليج ماهون وقد أخذ البحارة مرة أخرى يوحون إلى أن ألياف جوز الهند لابد أنها قطعت ألفي ميل على الأقل حتى وصلت نوفاسكونيا. استمروا في الحفر لمسافة أعمق وعند عمق تسعين قدما وجدوا بالصدفة طبقة من المعجون الذي يستخدم في السفن وكانت صلدة كالآجر.

وجدوا تحتها مباشرة صخرة كبيرة ذات نوع غير معروف في نوفاسكونيا، وفي  الجانب السفلي من هذه الصخرة عثر الباحثون على صور ورسائل مشقوقة بخشونة ليس لها مغزى واضح. وقد أخذها سميث إلى بيته وأعاد تشكيلها وثبتها على الموقد. وكان صيادو الكنز يشعرون أنها على الأقل تشير إلى أنهم قريبون من هدفهم.

دفعوا عتلة إلى الأرض التي أصبحت فيما بعد مشبعة بالماء حيث كان يتعين عليهم أن يرفعوا برميلا من الماء لكل برميلين من التراب. وتحت الطبقة الأخيرة ببضعة أقدام فقط اكتشفوا سطحا صلبا عبر النفق الطولي. واتفق الجميع على أنه من الخشب وربما يكون صندوقا خشبيا، وأخيرا بدا الأمر وكأن هدفهم في مجال الرؤية.                

صل الاكتشاف في مساء السبت وعندما حل الليل تسلقوا خارج النفق ولم يعملوا يوم الأحد، ولا بد أنهم قضوا الوقت حتى صبيحة يوم الاثنين وهو يرزحون تحت عذاب توقعاتهم. وقد قال سميث فيما بعد أنهم قضوا الوقت وهم يقررون فرحين كم نصيب كلا رجل منهم. ولا شك أن المنظر الذي طالعته أعينهم عندما وصلوا في صبيحة يوم الاثنين قد بدا لهم وكأنه كابوس، فقد امتلأ ما يقارب الثلاثين قدما من النفق الذي حفروا منه تسعين قدما بالمياه الموحلة وقد حاولوا أن يصرفوا المياه إلى الخارج بواسطة الدلاء ولكن مستوى المياه بقي كما هو عليه. وأدخلوا مضخة لتقوم بالمهمة ولكنها تعطلت بسبب الجهد الإضافي ولم يزل مستوى المياه كما هو عليه. فتخلى الرجال عن العمل وهم محبطون كليا.

في ربيع عام 1805 عاد صيادو الكنز ليجربوا خطة جديدة للعمل حيث قاموا بحفر نفق ثان بجانب النفق القديم إلى عمق مائة وعشرة أقدام أي أعمق من النفق الأصلي بخمسة عشر قدما تقريبا، وبدئوا يشقون نفقا عرضيا بالاتجاه الذي كانوا يأملون فيه أن يحصلوا على صناديق الكنز من الأسفل. ولسوء الحظ فقد حفروا بمحاذاة النفق الأصلي تماما حيث سبب ضغط المياه إلى انهيار الجدار الطيني الفاصل غامرا الحفارين بمئات من الغالونات من المياه الموحلة. ولحسن حظ الرجال فقد امتلأ النفق الثاني بسرعة جدا مما ساعدهم على الهرب بجلودهم.

نفذ كل ما عند الجماعة من مال ولم يكن أمامهم سوى أن يتخلوا عن المشروع. وقد قال سميث مراسلا أحد أصدقائه: لولا أضرار الطبيعة المتعددة التي خدعتنا فأننا الآن جميعا في عداد الرجال الأغنياء. ولم يدرك أن السبب في فشله ليس أضرار الطبيعة وإنما براعة وإنما براعة قرصان ما توفي منذ زمن بعيد.

وبقيت حفرة المال دون أن يمسها أحد أكثر من أربعين سنة. وفي عام 1949 شكلت مجموعة من المستثمرين من جزاء آخر من نفاسكونيا نقابة جديدة وقاموا بمحاولة أخرى. واشتملت المغامرة الجديدة على الدكتور ديفيد لاينذرز وهو من أقرباء سيمون لايندرز، وانتوني فاغون الذي كان يعد أصغر واحد من بين المستكشفين الأوائل أما الآن فهو في أواخر العقد السادس من عمره. أما بالنسبة إلى الاثنين الآخرين فقد توخا مك غينيس وآثر سميث أن لا يورط نفسه.

في جزيرة السنديان وجدوا أن كلا النفقين قد انهار، فحفروا خلال الاثنى عشر يوما التالية إلى عمق ستة وثمانين قدما وفرحوا لعدم وجود أية إشارة تشير إلى الفيضان. ومرة أخرى فرغوا من عملهم في مساء السبت وتأكدوا في الصباح التالي من عدم وجود أية إشارة للماء في الحفرة بل وجدوا إنها ما زالت جافة تماما ولكنهم عادوا في الساعة الثانية بعد الظهر من الكنيسة ليجدوا أن الحفرة قد امتلأت بالماء بمقدار ستين قدما. وبدئوا في الأيام التالية بمحاولة تصريف الماء خارج الحفرة بواسطة الدلاء، وخلاصة القول بدت نتيجة غير مرضية وكأنهم كانوا يشربون الحساء بالشوكات. وعندما أدركوا صعوبة المهمة التي كانوا يواجهونها قرر الباحثون أن يكتشفوا الشيء الموضوع في قعر الحفرة، فقاموا باستخدام بريمة حفرة محددة وهي عبارة عن حفار بقدر حصان واحد يظهر عينات من المادة التي يقوم بحفرها. وقد كانت هناك طبقة ما قائمة فوق الماء وقد ثقبت فيها خمسة ثقوب إلى عمق مائة وستة أقدام اثنتان منهما في غرب مركز الحفرة قليلا، ولم يظهر سوى الوحل والصخور. وقد قدم الرجل الذي يدير عملية الحفر بيانا يبين فيه ما وجدوه في الثقوب شرق مركز الحفرة يقول فيه:

بعد اختراق الطبقة الموجودة في المستوى الذي وصلت إليه العتلة عام 1804 والتي كان سمكها خمسة إنشات والتي تبث أنها مكونة من قطع صغيرة من خشب الييسية هبط الحفار لمسافة اثنتي عشر أنشا وبعدها اخترق أربعة إنشات من خشب السنديان ومن تم اخترق اثنتين وعشرين إنشا من القطع المعدنية، ولكن الحفار فشل في إظهار أي شيء عن طبيعة الكنز ما عدا ثلاثة حلقات تشبه حلقات سلسلة ساعة قديمة. وبعدها اخترق ثمانية إنشات من خشب السنديان الذي بدا كأنه يمثل قعر الصندوق الأول والسطح الأعلى من الصندوق الثاني ومن ثم اثنين وعشرين أنشا من خشب السنديان وستة إنشات من خشب الييسية ( الراتنج ) ثم اخترق سبعة أقدام من الطين دون أن يعثر على أي شيء.

كان الثقب التالي الذي ثقب إلى الأسفل أقل نجاحا إذ يبدو وكأنه أضاع طريق الصناديق ولكن الحركة الارتجاعية بمثقب أوحت إلى أنه من المحتمل أنه قد عثر على حافة أحد الصندوقين أو كليهما. وهذه المرة أظهر الثقب كسرا من ألياف جوز الهند مختلفة مع كسر حادة من خشب السنديان وقد أوحت عملية ثقب الثقبين هذه إلى أن حفرة المال تحتوي على صندوقين احدهما فوق الآخر.           

ولكن هل يحتويان على الكنز المدفون؟ لم يسجل أحد طبيعة القطع المعدنية ولكن في وقت لاحق وصف أحد أعضاء النقابة حلقات سلسلة الساعة على أنها قطعة سلسلة ذهبية ولكن من المحتمل أن رأيه كان معتمدا على لمس الزخرفة فقط.

لقد كان الثقب الأخير أهم الثقوب الخمسة حيث قرروا أن يزيلوا بعناية كل قطعة صغيرة من المعدن الذي رفعته بريمة الحفر المحددة إلى السطح لكي يتسنى لهم أن يختبروها بالمكر سكوب وقد كانت هذه العملية مستمرة بشكل جيد حتى حصلت بعض القلاقل بين الرجال الذين كانوا يبحثون عن العينات التي يظهرها المثقب. فقد لاحظ أحد الرجال أن رئيس العمال جيمس بتيلادو قد وجد شيئا ما وتفحصه بعناية ثم وضعه في جيبه. وعندما طلب منه أن يعرضه عليه رفض قائلا أنه سيعرضه في الاجتماع المقبل لمدراء النقابة. وقد تصرفوا بوحي من الاعتقاد بصدق ما يقول ولكنه لم يظهره وبدلا من ذلك حاول أن يقنع رجل أعمال من المنطقة بشراء الجزء الشرقي من جزيرة السنديان. وقد كان رجل الأعمال راغبا في ذلك ولكن النقابة رفضت أن تبيع. وقيل أن بتيلادو توفي في حادث منجم بعد وقت قريب ولم يكشف عن السر الذي وجده ولكن الأسطورة المحلية تصر على أنه كان جوهرة.

لقد أصبح صيادو الكنز بعد ذلك مقتنعين من أن الحفرة تحتوي على صندوقين مليئتين بالكنز. ولكن السؤال الوحيد الذي بقي هو كيف الوصول إليهما. ولم تردعهم الكارثة التي كادت أن تصيب النقابة السابقة عام 1804 فقد قرروا أن يحفروا نفقا آخر بجانب النفق الأصلي وحاولوا أن يشقوا طريقهم عرضيا نحو الصناديق من الأسفل فوصلوا إلى عمق مائة وتسعة أقدام دون أن تصادفهم أية إشارة تدل على وجود مياه، ولكن عندما بدئوا الحفر باتجاه حفرة المال انغمر العمال فجأة بمئات من الغالونات ومرة أخرى هربوا بشق الأنفس بجلودهم. وامتلأ النفق الجديد إلى نفس المستوى في النفق الأصلي بمسافة ثلاثة وثلاثين قدما عن السطح.

بشكل لا يصدق لم يتساءل أحد حتى ذلك الحين من أين تأتي كل هذه المياه وقد لاحظ أحد الرجال المبللين أن طعم الماء كان مالحا. وعندما قاموا بمراقبة مستوى الماء في الحفرة لمدة اثنتي عشرة ساعة، وجدوا أن الماء قد ارتفع وانخفض مع المد والجزر في الخليج فأدركوا أن حفرة الماء كانت مليئة بماء البحر. وقد كانت الأرض في ذلك الطرف من الجزيرة طينية في الغالب، لذا فمن المستحيل أن يترشح الماء من خلالها إلى الحفرة، إذن لا بد من وجود نفق. حاول صيادو الكنز انتباههم إلى أقرب شاطئ والذي يدعى خليج سميث ويمتد نحو الشمال الشرقي خمسمائة قدم فلاحظوا عند انخفاض المد أن التربة الرملية أصبحت مسيلا للماء وكأنها إسفنجه قد عصرت.

كشف الحفر طبقة من ألياف جوز الهند تحت الرمال بثلاثة أقدام. وكان تحت الألياف مباشرة طبقة من حشيش الانفليس أو عشب البحر بسمك أربعة أو خمسة إنشات وفي الأسفل من هذه كمية من الأحجار المستوية. لقد كانت هذه الإسفنجه الضخمة التي هي من صنع الإنسان تمتد مائة وخمسين قدما على طول الشاطئ بين العلامتين المائتين المرتفعة والمنخفضة. وعند عمق خمسة أقدام وجدوا خمسة مصارف للمياه على شكل صناديق تبعد بشكل متساو عن بعضها البعض ومبنية بمثانة من الأحجار المستوية وتؤدي هذه المصارف إلى بالوعة على شكل قمع أنشأت فوق علامة ارتفاع الماء. لقد كانت هذه المصارف مبنية بشكل جيد فعندما كشفوا النقاب عن واحد منها، لم يجدوا أي رمل مترشح خلالها يعيق جريان الماء والذي قد يحصل بعد مائة عام. لقد كان الماء يمر من البالوعة على طول ممر منزلق إلى الأسفل لمسافة خمسمائة قدم إلى حفرة الماء واصلا إليها تحت مستوى التسعين قدما مباشرة. ولو كان بناء الحفرة نفسها رائعا لكان نظام النفق والفيضان من عمل مهندس عبقري بلا شك. فعند ارتفاع المد في الخليج تمتص إسفنجه ألياف جوز الهند الماء ليشق طريقه خلال المصارف ثم ينزلق عبر الممر الطويل نحو الحفرة. وطالما أن النفق الطولي مليء بالرمال فإن الماء يتراجع بالضغط. وإزالة الرمل يقلل من الضغط وعندما يصل الحفارون إلى مستوى التسعين قدم فإن قوة المد تكون قادرة على دفع الماء خلاله لتفيضه.

كان الباحثون فرحين فمثل هذه الإجراءات الوقائية المفصلة توحي بكنز ضخم. وكل ما بقي الآن هو منع الماء من الفيضان وإخراج ما هو موجود في الحفرة. بدئوا يعملون بهمة من جديد ببناء سد الإنضاب عبر الخليج ويبلغ طوله مائة وخمسين قدما. ولكن يبدو أن الطبيعة مصرة على إحباط جهودهم، فقبل أن ينتهي بناء السد حطم مد عال غير طبيعي العمل برمته. ولما كان العمل مستحيلا في مد كهذا فقد قرروا أن يقطعوا النفق من مكان يتوسط الشاطئ والحفرة. وعندما حفروا نفقا طوليا بالقرب من خليج سميث أضاعوا النفق العرضي تماما. حفروا بعدها نفقا طوليا آخر بالقرب من الحفرة ولكن عندما وصلوا إلى عمق خمسة وثلاثين قدما صادفتهم صخرة كبيرة وعندما أزاحوها امتلأ النفق الطولي مرة أخرى بدفعة من الماء. لقد أصبحوا بعد ذلك مشوشين بشكل تام إذا قرروا أن هذا لا بد وأن يكون نفق الفيضان، وعندما فشلوا أدركوا أن نفق البحر لا بد أن يجدوه بعد ستين قدما أخرى في الأسفل أو لا بد وأن النفق الطولي قد فاض عندما وصل الحفارون الأصليون لعمق ثلاثين قدما. وفي محاولة لإيقاف التسرب قاموا بدحرجة الأخشاب فوق الأرض وعندما فشلوا في ذلك حاولوا أيضا الوصول إلى الصناديق من الأسفل.

       عند عمق مائة وثمانية عشر قدما بدأ العمال بشق طريقهم نحو النفق الطولي  الأصلي، وعندما كان العمال متوقفين عن العمل في فترة الغداء، اخترق الماء الموجود في حفرة المال مرة أخرى النفق الطولي الجديد وأفاضه. وبعد هذه الضربة القاضية توقف العمل لمدة تسع سنوات.

في عام 1859 استعادت النقابة نشاطها من جديد فقاموا مرة أخرى بحفر أنفاق طولية أما لإفراغ حجرة المال من الماء أو لقطع نفق الفيضان ومع ذلك وحتى بقوة عاملة تقدر بثلاثة وستين رجلا لم يتمكنوا من كبح الفيضان. وفي عام 1961 استبدلت المضخات اليدوية بمضخات بخارية وعندما احترق المرجل سامطا أحد العمال حتى الموت، توقف العمل مرة أخرى. وفي السنوات التالية تتابعت محاولات عديدة وكان يقوم بها منقبون أظهروا همة أكبر من البراعة المألوفة، وقد اتفق معظمهم على حفر أنفاق كثيرة حول حفرة المال في محاولة منهم لإيقاف سيل الماء ولم يبد أن أيا منهم قد أدرك أن الأمر سيكون أسهل لو حفروا بالقرب من خليج سميث حيث لا يتوجب عليهم سوى حفر أنفاق طولية بعمق عشرة إلى خمسة عشر قدما بدلا من الأنفاق التي كانت تحفر بالقرب من الحفرة بعمق تسعين قدما. وكنتيجة لكل هذه الأعمال أصبحت المنطقة المحيطة بحفرة المال مليئة بالأنفاق الطولية الممتلئة بالمياه مما جعل المهمة أكثر صعوبة.

في عام 1866 قامت نقابة هاليفاكس المشكلة حديثا بالعمليات فحاولوا مرة أخرى إنشاء سد في خليج سميث ولكن المد غير الاعتيادي هزمهم.   

لقد كشفوا بالفعل في نقطة ما المكان الذي يدخل منه نفق الفيضان إلى حفرة المال وأصبحوا مطلعين على الخبرة المدهشة التي كانت في مدار المناقشة لإنشاء مثل هذا النفق. لقد كان خلق النفق بعرض قدمين ونصف القدم وبطول أربعة أقدام وكانت منطقة التقاء نفق الفيضان قام البناءون بعناية وضع أحجار من الشاطئ حول طرف النفق. ولابد أن يكون هذا الاكتشاف الجديد قد حل مشكلاتهم فكل ما يتوجب عليهم الآن عمله بعد ذلك هو إغلاق النفق ومنع ماء البحر من الدخول. ولكن لسوء الحظ كانت المنطقة برمتها مليئة بالأنفاق الطولية مما يمكن الماء الآن من الدخول من عدة اتجاهات أخرى.

كان ثمة شيء جلي في ذلك الحين، وهو أن كل هذه المهارة تعتبر ضائعة إذا لم يكن القراصنة ينوون العودة لجمع كنزهم وإذا كانوا ينوون ذلك فعلا فلا بد أنهم قاموا بطريقة تمكنهم من قطع جريان ماء البحر. والطريقة الأكثر مباشرة هي بوابة تقطع الفيضان من مروره عبر النفق. ولو كان الحال كذلك فأين هي هذه البوابة؟ لقد قاموا ببحث دقيق على طول شقة الأرض المحصورة بين خليج سميث والحفرة التي يبلغ طولها خمسمائة قدم ولكنهم فشلوا في تحديد مكان البوابة. وهكذا اعترف صيادو الكنز مرة أخرى بالهزيمة. وفي وقت لاحق قال أحد أعضاء الشركة ويدعى ايزياك بلاير لابن أخيه فريدريك: لقد رأيت ما يقنعني بما فيه الكفاية أن ثمة كنز مدفون هناك ورأيت ما يقنعني الكفاية أيضا أنهم لن يحصلوا عليه.

عندما بلغ فريدريك بلاير الرابعة والعشرين من عمره كانت له محاولة للبحث عن الكنز فانضم إليه مجموعة من المنقبين أطلقت إلى نفسها اسم شركة كنز جزيرة السنديان وكان ذلك في عام 1891 أي بعد مرور مائة عام تقريبا على وصول دنيال مك غينيس إلى الجزيرة أول مرة. وقد كان في نيتهم أن يستخدموا أحدث المواد ليقطعوا جريان الماء خلال النفق. ولكن لسوء الحظ فإن أحدث المواد لم تشكل أي فرق عملي عن سابقتها والسبب الرئيسي لذلك هو أن صيادي الكنز حاولوا مرة أخرى كبح سيل الماء عند نهاية النفق المتصلة مع حفرة المال. وعندما نفذت أموالهم كانت النقابة الجديدة قد حققت القليل مثل الذين سبقوهم.

أعادوا التفكير بخططهم وعملوا في عام 1897 ما كان ينبغي عليهم أن يعملوه منذ البداية، فحفروا عند نهاية النفق في خليج سمث واكتشفوا ماء البحر عند عمق خمسة عشر قدما تقريبا تحت السطح. وفي هذه المرة بدلا من أن يحاولوا سد النفق بحائط من الأخشاب وضعوا في الثقب حشوة دينماميت تزن مائة وستين رطلا. وعندما تفجرت كان ثمة صخب مفاجئ لاضطراب الماء في حفرة المال على بعد أربعمائة وخمسين قدما.

لقد انهار نفق الفيضان بشكل مؤكد ومع ذلك عندما حاولوا أن يخرجوا ما هو موجود في الحفرة عاد الماء يندفع إلى داخلها بسرعة. وعندما كانت النتائج غير مشجعة قرروا أن يجربوا طريقة أخرى ليروا إن كان باستطاعتهم أن يحددوا مكان صناديق الكنز في الطين المشبع بالماء. فقاموا بدفع أنبوب إلى الأسفل بسمك ثلاثة إنشات يستطيع من خلاله أن يعمل المثقاب بكفاءة كبيرة. وعند عمق مائة وستة وعشرين قدما أجبر الأنبوب ومثقابه على التوقف عائق ما ووصف على أنه حافة حديد. وقد نجح مثقاب أكبر في اختراقه واستمر في نزوله حتى عمق مائة وواحد وخمسين قدما. وعند هذا المستوى أوقفته طبقة من الحجر الأملس وصف فيما بعد على أنه اسمنت وتحت هذا بعشرين أنشا اخترق المثقاب خمسة إنشات من خشب السنديان. ولقد بدت هذه الأشياء مجتمعة وكأنها تعدهم بشيء ما، وعند هذه النقطة بدأ المثقاب يتصرف بشكل غريب فلم يستمر في سده أكثر من بضعة إنشات حتى التقى بما كان يبدو كأنه شيء معدني يمكن تحريكه من جانب إلى آخر بأقل من أنش. هل يمكن أن يكون ذلك غطاء الصندوق؟ لقد استمروا في الثقب وبدا المثقاب كأنه اكتشف فجأة أشياء معدنية أصغر من المحتمل أنها نقود معدنية أو مجوهرات. بالإضافة إلى أنهم عندما دفعوا المثقاب مرة أخرى وجدوا قطعة من الورق النفيس وهي عالقة به وكان مكتوب عليها "I V ".

عندما بدا الأمر كأنهم على وشك النجاح أخيرا، خانهم حظهم. فعندما حاولوا أن ينفذوا مثقابا آخر إلى الأسفل نحو الصندوق مرة ثانية فشلوا في إيجاده. وعاد الأمل من جديد عندما عثر مثقاب آخر على شيء ما ربما يكون حافة الصندوق. ولكن المثقاب الثالث اخترق قناة للمياه تحت سطح الأرض حيث تدفق الماء لأعلى الأنبوب بنسبة أربعمائة غالونا في الدقيقة مبللا كل شيء يقع على مرمى منه. وهكذا بدا وكأن ثمة نفق فيضان ثان أكثر انخفاضا من الأول بمقدار كبير. وللتأكيد من ذلك سكب فردريك بلاير صباغا أحمر وثقيلا في حفرة المال وأكدت هذه الطريقة ظنونه عندما ظهر الصباغ مرة أخرى بعيدا في الجانب الجنوبي من الجزيرة. ويستبدل من ذلك أن النفق الأعمق لا بد وأن يكون طوله ستمائة قدما على أقل تقدير.

حفرت النقابة ستة أنفاق طولية أخرى في محاولة منهم لغلق هذا النفق الذي اكتشف حديثا. وقد اضطروا للتخلي عن كل واحد منها عند تدفق المياه. لقد كان من الحماقة أن يستمروا في العمل. فقد اتفقوا أكثر من مائتين وخمسة وعشرين ألف دولار على العمليات. وحتى لو اكتشفوا الكنز في نهاية المطاف فليس ثمة ما يضمن لهم أنه سيعوضهم عن مثل هذه التكاليف الضخمة. لذا فقد قرروا التوقف عن العمل على مضض. وقد كانت هناك بضعة محاولات أخرى لحفر حفرة المال خلال السنوات الثلاثين التالية وكانت هناك محاولة شركة كنز جزيرة السنديان أكثرها طموحا. لقد كانت كل محاولة تظهر قلة احتمال اكتشاف الكنز، فقد أصبح الموقع الأصلي محكما تماما حيث يوجد أكثر من مستنقع واحد.

في عام 1931 عثر وليام تشايل الذي كان في نقابة جزيرة السنديان عام 1897 على معول ومصباح زيتي مانع للتسرب يعود لعامل في التعدين ورأس فأس مدفونة في الوحل. وقد أظهر فحصها أن عمرها مائتان وخمسون سنة تقريبا، وبهذا فقد يكون تاريخ حفرة المال الأصلية في بداية 1680. لقد أصبح التشكيل الجيولوجي لجزيرة السنديان بمرور السنوات مفهوما بشكل جيد وأصبح واضحا أن قاعدتها المكونة من حجر الكلس تحتوي على تجاويف عديدة وثقوب غائرة فإذا كان الكنز قد غار في أحد هذه الثقوب فليس ثمة احتمال لاكتشافه عمليا. ومع  ذلك ففي عام 1937 أمضى رجل أعمال ثري من نيو انكلاند ويدعى جلبرت د هيدن فصلين من فصول السنة وهو يحفر ويثقب حتى توصل إلى استنتاج غير مشجع مفاده أن صناديق الكنز قد تحطمت في التربة المشبعة بالماء. وقد فكر أنه إذا أمكن غلق نفق الفيضان الثاني فإن المستنقع سينشف ببطء وكانت أسهل طريقة لمنع تدفق مياه البحر هي إيجاد بوابة في النفق لذلك الغرض. وخلافا لأسلافه قرر هيدن ألا يبحث بين حفرة المال والبحر.

بدلا من ذلك جرب علم المنطق فأخذ يتساءل: لماذا لم يعد القراصنة من أجل كنزهم؟ وقد كانت أكثر التوقعات احتمالا هي تحطم سفينة أو إمساكهم من قبل السلطات. وفي هذه الحالة من المحتمل أن تكون مفاتيح اللغز مخفية في سيرة أحد قباطنة القراصنة المشهورين. وإذا كان هذا الرجل قد مات شنقا فإن المفاتيح الأساسي قد يكون في طيات سجلات المحكمة أو في اعترافات الرجل للكاهن. وبدأ هيدن يقضي أيامه في المكتبات وفي فترة قصيرة جدا وجد الرجل الذي بدا له أن أفكاره تتوافق والقبطان كد. في الحقيقة لم يكن وليام كد سفاحا قاتلا مثل العديد من أسلافه، ولكنه كان قرصانا حكوميا أي بحارا تدفع له الحكومة مقابل مهاجمة السفن التي تخص الدول العدوة فقط. والعديد من هؤلاء القراصنة الحكوميين كانوا يعتبرون أنفسهم وطنيين موالين للدولة وبشكل أساسي جزءا من أسطولها البحري. ومثالا على ذلك فقد كان السير فرنسيس دريك القرصان البريطاني الشهير قرصانا حكوميا.

في عام 1696 كلف وليام الثالث بوضع حد للقراصنة ومصادرة غنائم القراصنة ولكن كد كان ضعيفا ورجلا طموحا حيث وجد أن مهاجمة السفن التجارية أسهل من مطاردة القراصنة. وخلال السنوات الخمس التالية كانت سفينة " ادفنتشر " يجول في الطرق البحرية وقد هاجمت جميع سفن البلدان عدوة كانت أم غير ذلك. ولم يكن لدى الحكومة البريطانية اعتراض شديد منذ أن هاجم كد الأجانب. ويبدو أن القرار الذي اتخذ بشأن خروجه عن القانون كان أساسه هو شكهم في أنهم لم يحصلوا على الحصة العادلة من غنائمه. وقد أسرع كد إلى نيو انكلاند وهو قلق بشأن هذا الطعن باسمه وكان في نيته أن يدافع عن نفسه ولكن الحاكم اللورد بيلومونت كبله حالا بالأصداف وصادر من سفينته كنزا تقدر قيمته بحوالي أربعة عشر ألف دولار. وقد أرسل بعد ذلك إلى انجلترا حيث حوكم وأعدم وعلق جسده المطلي بالقطران في موقع تليري كتحذير لبقية القراصنة.

اكتشف هيدن أنه في ليلة إعدام كد طلب منه أن يرسل الناطق بلسان مجلس العموم ويقول أنه إذا ما أبقي على حياته فسوف يدل السلطات على كنزه المدفون الذي قدره بمائة ألف دولار. وقد ادعى كد أن كنزه قد دفن في جزيرة ما في البحار الصينية ولكن قد يكون ذلك محاولة مقصودة منه لتضليلهم. وقد خطر ببال هيدن أن الكلمة الفرنسية CHENE  تعني سنديان وربما يكون كد قد رمى مفتاح اللغز حول مكان كنزه.

بينما كان هيدن يقرأ كتابا بعنوان القبطان كد وجزره سكيليتن. الذي ألفه عام 1935 هارولد ولكنز، اكتشف بالصدفة خارطة يفهم منها أنها جزيرة كد، وفيها شبه واضح من جزيرة السنديان على الرغم من الملاحظات المكتوبة على حافة التي تشير إلى أنها تقع في البحار الصينية وكان في حافتها السفلى مجموعة من الاتجاهات الخادعة.

18 غرب وباتجاه 7 شرق على صخرة 30 جنوب غرب 14 شمال شجرة 7 باتجاه 8 باتجاه 4.

تجول هيدن حول حفرة المال والكتاب بيديه فوجد صخرة كبيرة من الغرانيت مباشرة شمال الحفرة وكان قد حفر فيها ثقب وقد ذكرته هذه الصخرة بصخرة مشابهة كانت قد وجدت في خليج سمث قبل عدة سنوات. وعندما أخذوا يبحثون في الخليج عثروا على الصخرة بالصدفة فوجدوا أن المسافة بين الصخرتين الكبيرتين كانت تساوي أكثر من خمسة وعشرين قصبة والقصبة تساوي ستة عشر قدما ونصف القدم.

استدعى هيدن مساحا للأرض وأخذ يقيس من الموقع ثمانية عشر قصبة من الصخرة المثقوبة إلى الشرق وثلاثين قصبة غرب هذه النقطة وقد أوصلتهم إلى مساحة من الأرض المستوية مغطاة بالأشجار خفيضة. وعندما نظفوا الأرض من الأشجار عثروا على أحجار مختلفة من الشاطئ كانت موضوعة بشكل واضح في تنسيق معين. وعندما استمروا في العمل وجدوا أنها تتخذ شكل رأس السهم مع أغناء نحو الخارج في الجانب السفلي وربما كانت تمثل آلة مسدس بشكلها المبدئي. وقد كان الرأس يشير باتجاه الشمال إلى حفرة المال وشجرة السنديان الكبيرة التي  كانت فوقها في السابق. لقد كانت الخارطة على ما يبدو غير دقيقة. فالشجرة تبعد عن السهم أكثر بقليل من أربعة عشر قبة. وعلى الرغم من ذلك فقد كان هيدن مقتنعا من أن خريطة الكنز تمثل جزيرة السنديان وأن حفرة المال قد بناها القبطان كد.

انطلق مبتهجا في رحلة إلى انجلترا وذهب لمقابلة مؤلف الكتاب هارولد ولكنز، وكان يأمل أن يكون لدى ولكنز معلومات أخرى قد تقوده لاكتشاف بوابة الفيضان المخفية. لكن ولكنز أصابته الدهشة فلم يكن قد سمع بجزيرة السنديان فقط. وقد بين أن الخريطة الموجودة في كتابه ربما كانت غير دقيقة فقد اضطر إلى رسمها من الذاكرة بعد أن رأى الأصلية في مجموعة خرائط خاصة.

عندما بين هيدن أن الاتجاهات  الموجودة على الخريطة كانت دقيقة تماما، أصبح أكثر استغرابا وأصر على أنه اختلقها وذلك ببساطة لكي يملأ المكان الفارغ على الخارطة وفي وقت لاحق أصبح ولكنز متأثرا جدا بما وجده هيدن في الجزيرة فبدأ يضمر اقتناعا غريبا بأنه كان يمثل تجسدا جديدا للقبطان كد.

كل هذا لم يدعم هيدن كثيرا فقد فشل في الحصول على اعترافات الرجل للكاهن التي قد تساعده على تحديد مكان بوابة الفيضان ومن ثم قطع مياه البحر. وهكذا ومثل كل أسلافه وصل هيدن إلى نهاية مغلقة.

جاء المهندس الميكانيكي أيدون ه. هاملتون وقام بالحفر إلى عمق مائة وثمانين قدما أي أعمق من كل المحاولات السابقة وقام باكتشاف مثير، وهو أن حلق نفق الفيضان يلتقي بحفرة المال من نفس الجانب الذي يلتقي منه النفق الأول بالحفرة. وقد أوحى هذا إلى كلا النفقين ينشآن من خليج سمث وأن النفق الأكثر انخفاضا لا يمتد جنوبا كما قد أوحى صباغ بلاير الأحمر. واستنتج هاملتون أنه لابد من وجود تحت الأرض وتحت نفق الفيضان الثاني والذي كان علة عمق مائة وعشرة أقدام وأن هذا الجدول نقل وقد كان جليا أن هيدن كان محظوظا عندما تخلى عن العمل.

بعد أن تخلي هاملتون عن حفرياته، كان ثمة فارس سبق وأن كان يلعب الحركات البهلوانية في السيرك يدعى روبرت رستول قد لقي حتفه في حفرة المال عندما امتلأ النفق بغاز العادم من المضخة. وعندما حاول ابنه البالغ من العمر الثانية والعشرين ورجلان آخران إنقاذه لقوا حتفهم أيضا.

أخيرا في عام 1965 جرب جيولوجي يشغل في استخراج النفط يدعى روبرت دانفيلد مرة أخرى طريقة القوة الوحشية فأحضر حفارا. وفي ستة أسابيع حفر حفرة عرضها ثمانين قدما وبعمق مائة وثلاثين قدما. ولم يجد شيئا فعمد إلى أن يمحوا كل أثر لحفرة الكنز. وهكذا بقي اللغز قائما. من بني حفرة المال ولماذا؟ إن الجواب الواضح ـ القراصنة ـ هو أقل إقناعا مما يبدو، فمعظم الغنائم التي يجمعها القراصنة هي من الأنواع القابلة للتلف السريع. الطعام والشراب والتوابل والحرير والساتان. وعندما يجدون مالا فإنهم يقسمونه بسرعة فيما بينهم ثم يصرفونه، وحتى المعروف بالطائر الأسود قد عمد إلى جمع صندوق واحد فقط من الأشياء الثمينة. بالإضافة إلى أنه يبدو من المستبعد أن القراصنة تمكنوا من بناء حفرة المال، إذ أنها تتطلب قبطانا قويا جدا ذا إرادة يجبر مجموعة من السفاحين الكسالى على قضاء أكثر من أسبوع لحفر الأنفاق في جزيرة نائية.

أكثر الافتراضات قبولا بالإجمال مذكور في كتاب روبرت فيرنو " حفرة المال ". فقد افترض أن المهارة والدقة التي يتطلبها بناء حفرة تشير إلى عملية عسكرية فالجيش لديه ما يحتاج من الرجال والمهندسين المهرة ليتموا مثل هذا المشروع. لقد افترض فيرنو أن الحفرة بنيت حوالي عام 1780 في الوقت الذي خسر فيه الجيش البريطاني حرب الاستقلال الأمريكية. فقام الجيش البريطاني بوضع خطط للانسحاب السريع وقد كان من المقرر حسب الخطة أن تتراجع الحماية العسكرية في نيويورك إلى هاليفاكس في نوفسكونيا في الوقت الذي كانت فيه أقرب مستوطنة كبيرة لجزيرة السنديان. وافترض فيرنو أن قطاع المهندسين الملكي ربما يكون قد أصدرت له أوامر ببناء حفرة لإخفاء الخزائن الحربية للحماية العسكرية ومن ضمنها مئونة المال التي من المقرر أن تعطى للجيش البريطاني ومن المحتمل أن المال لم يدفن أصلا في الحفرة وإن كان كذلك فمن المحتمل أنهم استردوه في وقت لاحق وأرجعوه إلى انجلترا. ويبدو هذا أنه التفسير الأكثر احتمالا للفشل التام لكل النقاشات في إيجاد أضأل أثر للكنز.

إنه لمن المحزن القول أن جهود ما يقارب القرنين من الزمان قد ضاعت على ما يبدو في نهاية المطاف. إنها مجرد خدعة.

 

ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق