الاثنين، 10 يناير 2011

بنت نفاذة البصيرة

يقص السيد -ج.ل.ب - الحالة الغريبة التي يعيشها مع ابنته الصغيرة، حيث يقول بأن عذابه اليومي و زوجته يتجسد في صغيرتهما الجميلة، لأنها أُصيبت منذ ولادتها بتخلف ذهني خفيف، لكنه صعب عليها النطق و المشي بشكل طبيعي، رغم أكبر الدكاترة الأوربيين و الأمريكيين الذين عُرضت عليهم البنت. فهي تقضي يومياتها في القفز على يديها و رجليها داخل غرفتها، مرفقة قفزها الشبيه بالقفز الحيواني بصيحات مبهمة و ضحك قوي، قبل أن تنطوي على نفسها لتبقى واهنة منحطة القوى لعدة ساعات و على وجهها ترتسم ابتسامة ألم و حزن.

لكن يتعجب والدها الذي يقول بأنه منذ سنتين، بينما كان يحاول تقبيلها قبل التحاقه بالعمل، البنت - فيرونيك - ولت بوجهها على السرير و قالت له بصوت مرح: " بابا، لا تذهب إلى العمل هذا الصباح لأن موعدك أُلغي و قد تتعرض إلى حادث ". الأب و بعد برهة من الزمن قضاها و هو يحدق بعينيه في البنت كالمجنون، لم يجد أمامه من شيء يفعله من شدة الفرح، إلا حمل ابنته بهزة واحدة مقبلا إياها إلى حد الملل، قائلا لها: " لكنك تتكلمين يا عزيزتي.. يا للمفاجأة، يا للفرحة - مارتين - (زوجته ) تعالي و أنظري و اسمعي، لقد شُفيت - فيرونيك -.. إنها تتكلم " الأم لم تتأخر في المجيء و أمام فضول عينيها، سارع الأب، سائلا ابنته: " حبيبتي أعيدي لنا ما كنت قد قلته لي؟ " لكن... عشرات المرات توسل فيها الرجل للصغيرة فيرونيك، دون فائدة.. لقد ظلت صامتة كعادتها، مما جعل الزوجة تنفجر باكية متهمة زوجها بالجنون من شدة رغبته في سماع طفلته تتكلم، ثم أخذت فيرونيك و غادرت الغرفة.

الرجل بعد رؤيته للساعة اكتشف بأنه كان متأخرا نوعا ما عن موعد عمله، فسارع إلى سيارته... لدى وصوله إلى المصنع، كان يجري و فضل استخدام السلم على المصعد الآلي، لا لشيء إلا لربح الوقت. لكن ما أن وصل و شاهدته سكرتيرته الخاصة حتى خاطبته بشيء من الاستخفاف: " وفر جهدك سيدي، لأن موعدك قد تم تأجيله ".. " كيف ذلك ؟" سأل الرجل بغضب فأجابته السكتيرة بأن السيد - م- قد هتف اليها ليعلمها بعجزه عن استقباله في ذلك الصباح... و لم تكد لكاتبة أن تنهي حديثها، حتى هرع نازلا بسرعة، تاركا إياها وراءه تصيح بأن السيد -م - اقترح عليه يوم 13 من الشهر على الساعة الثالثة مساء فأشار إليها من الطابق الأرضي، بيده ليطمئنها بأنه تلقى رسالتها، ثم ركب سيارته قبل أن يوقد المحرك في ظرف ثانية واحدة و بما أنه كان يسير بسرعة جنونية، ظهرت شاحنة على يمينه و رغم إقدام السائقان على كبح العربتين إلا أن الشاحنة اصطدمت بالسيارة.

في المساء، بعد عودته إلى البيت روى كل القصة على زوجته فلم تصدق و مرت أسابيع دون أن تتفوه الصغيرة - فيرونيك - بكلمة واحدة، فعاد اليأس الى ما قبل يوم المفاجأة. لكن ذات ليلة و بينما كان الرجل و زوجته يشاهدان التلفاز، ظهرت - فيرونيك - فجأة وسط الظلام و كانت واقفة على رجليها بشكل معتدل للغاية و قالت لهما بصوت متحمس: " لقد سقط جدار برلين ". ماذا تقولين؟ قال الزوجان في آن واحد ، قبل أن تنحني أمها عليها ، محاولة أخذها إلى أحضانها. لكن الطفلة عادت إلى مشيها على أربعة أطراف و غادرت المكان باتجاه غرفتها.

حائران و مرتبكان، الأم و الأب لم يجدا ما يجب فعله، فقال الزوج: " أ رأيت و سمعت ما يؤكد أنني لم أحلم في المرة الفائتة؟ "  " نعم " ردت الزوجة التي استطردت متسائلة: " لكن ما الذي كانت تقصده بجدار برلين؟ " لا أعلم أجاب الزوج... و ذهب الاثنان إلى غرفة ابنتهما التي وجداها نائمة بشكل عميق و كأنها لم تغادر سريرها منذ يوم كامل. لكن في اليوم الموالي، أثناء أخبار المساء، تحدثت كل قنوات العالم التلفزيونية و محطاته الإذاعية عن سقوط جدار برلين الشهير.

الواقعة بثت في نفسيتي الوالدين أملا مختلا، فقاما بعرض - فيرونيك - من جديد على أكبر الأخصائيين الذين شرحا لهم الواقعتين الغريبتين اللتين عاشاها مع ابنتهما. فكان الأطباء يصغون إليهما بكل هدوء قبل أن يقترحوا عليهما بكل ركاكة، علاجا تقليديا ثم يودعوهم بكل لطف.

المشكل بقي نفسه إلى غاية شهر سبتمبر 1990، عندما كان الوالدان رفقة - فيرونيك - متجهين على متن السيارة إلى البادية لقضاء عطلة قصيرة، حيث كان الأب يقود السيارة بهدوء، بينما كانت الأم و فيرونيك جالستين في المؤخرة. البنت كانت نائمة لتستيقظ فجأة بمقربة من طريق مزدوج و تصرخ بأعلى صوتها في وجه أمها ثم ترمي برأسها نحو أبيها، قائلة: " بابا احذر، الشاحنة ستنقلب و تقتل سائق دراجة نارية ". الأب لم يجد أمامه خيارا آخر غير التوقف على حافة الطريق، لكن في نفس تلك اللحظات، ظهرت شاحنة هولندية على الطريق الثاني، غالقة بذلك المسلك على مقطورة راحت تناور بخطورة بغية تجاوز الشاحنة مما جعلها تفقد التوازن و تشارك رفقة العربة الشاحنة الأولى في قطع الطريق. شاحنة أخرى لكنها ضخمة لحقت بهما فجأة، الشيء الذي قاد سائقها إلى كبحها بقوة، فانقلبت مصطدمة بسابقتيها، قبل أن تظهر دراجة نارية في الاتجاه المعاكس، كانت تسير بسرعة إلى درجة أن راكبها لم يجد الوقت الكافي لتفادي الكارثة التي تحققت و تحولت الدراجة إلى نار متوهجة قبل أن يفارق الدراج حياته على الفور.

الأب يقول بأن الحادث وقع بسرعة مدهشة جعلته يجمد في مكانه محتارا في نجاته من تلك المصيبة بفضل ابنته فيرونيك و بقي على هذه الحال برهة من الزمن، ثم التفت إلى زوجته ليقول لها: " و الآن هل تيقنت؟ أ سمعت - فيرونيك - مرة أخرى بأذنيك؟ ". لكن في نفس تلك اللحظات عادت الطفلة إلى وضعيتها الأولى و كأنها لم تفعل شيئا. و ذات ليلة، قالت الأم بأنها تعتقد بأن - فيرونيك - نفاذة البصيرة أي أنها تتنبأ بما سيحدث، بدليل... فسأل الرجل امرأته بنوع من النفاق عن سبب اعتقادها هذا فجاءت الاجابة بأن - فيرونيك - قالت منذ أيام لأمها بأن أخا لها سيولد في الشهور القادمة... و بالفعل، ذهبت الأم إلى الطبيب و أخبرها بأنها كانت حاملا منذ شهرين و أن المولود ذكرا.

 

غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق