قارب الأشباح يظهر في ليالي الصيف في بحيرة أوتلون. ظهرت الفتاة بعد 3 سنوات من قتلها. وقالت لأبيها:" أنقذني يأبي"، فسقط صريعا! كنا نصطاد تحت ضوء البدر قرب منتصف الليل في بحيرة أوتلون الواسعة القريبة من منطقة لوستون، كانت أشعة القمر الفضية تناسب فوق سطح الماء، بينما العصافير تطلق أغانيها قادمة من فدادين ضخمة من أشجار الغاب المحيطة بالحيرة، بينما صوت البط البري يملأ المكان، وعلى الشاطئ يبدو ضوء أصفر من منزل يقع عبر المياه السوداء لهذا الميناء الذي يطلقون عليه ميناء بورو. فهناك، في القرن الماضي، وفي مثل تلك الليلة كان جورج بورو الذي كتب أعظم عملين عن حياة الغجر في اللغة الإنجليزية وهما لافنجرو، وسيد الغجر الروماني يشعل النيران تحت الشجر تحيط به الوجوه السوداء لأصدقائه الغجر بينما كانت عيونهم تتراقص في ضوء النيران وهم يحتسون الخمر، ويجأرون بأغانيهم الرومانية أمام النجوم. اعتقد الجيران أن جورج مجنون ولكن أحدا لم يجرؤ على أن يقول ذلك لأن جورج كان رجلا قويا وعصبيا، ومقاتلا شديد المراس، أليس هو الذي سار مئات الأميال عبر جبال أسبانيا، حيث الوحدة والوحشة ببساطة ليتيح لنفسه الحياة في الجو الذي جعله يكتب الإنجيل في أسبانيا. وذات صباح خرج من المنزل وقال لزوجته المحبة التي كانت تفهمه لحسن الحظ:" إنني خارج لأتمشى يا عزيزتي ولا أدري متى سأعود". وظل في الخارج لمدة 3 أشهر دون أن يغير ملابسه، وقال البعض إنه ظل سائرا على قدميه من إنجلترا حتى وصل إلى سكوتلندا ثم عاد مرة أخرى إلى منزله. وقال أحد أصدقائه عن هذا الرجل الذي وصف بأنه سيد اللغة الإنجليزية:" إنه كان معروفا بقصص الأشباح ويعتقد في القوى الخارقة". رنت هذه الكلمات في أذني عندما استدرت إلى فريد المراكبي وقلت له:" فريد، إننا نصطاد في نفس المكان الخاص بمستر بورو، وعلى مرمى البصر من منزله الصيفي القديم حيث كان يحكي قصص الأشباح، ألم تره مطلقا؟" فقال فريد:" إن هذا المكان مليء بالأشباح، وبقصص الأشباح، هناك الكلب الأسود، وهو كلب في حجم العجل له عين واحدة في رأسه، تبرق مثل المصباح، وهناك شبح، كما يقولون، لكاهن وسط أطلال قلعة برغ، ولكن الشبح الذي يتحدثون عنه كثيرا هو شبح سفينة تجري عبر هذه البحيرة بعد منتصف الليل في جوان، وإذا ما رأيتها فإنك سوف تسقط ميتا". كنت قد سمعت هذه القصة بشيء من الغموض، ولكنها تنتشر هنا وهناك، وعلى الرغم من أن الكثيرين يضحكون عليها فإن الوقائع، كما هي، يبدو أنها تشير إلى حقيقة. فهذا القارب الأبيض الكبير المصنوع من خشب الساج والسنديان والمبنى بنفس طراز المراكب العصرية القديمة برسم عيني أوزيرس على جانبيه، باستخدام شراع أبيض، على متن هذا القارب الشبح يوجد ستيفنسون الدموي الرجل العملاق الذي يتصارع مع فتاة يملئها الرعب، ترتدي رداء أبيض والدم ينزف من عنقها. وفجأة تسحب الفتاة وهي تصرخ من الرعب يدها اليمنى وتهوى بها فوق العملاق الذي ينزف الدم من عنقه ويسقط فوق ظهر القارب، وبعد لحظة تسقط الفتاة ميتة فوق جثمان هذا العملاق، ويواصل القارب السير فوق صفحة المياه. والآن وقد بدأ كل هذا في خريف عام 1851 هندما قررت شركة بيكلز أن ترسل أكبر قواربها ويدعى مايفلاي في رحلة، تصبح أكثر الرحلات رعبا في تاريخ إنجلترا، وكان هذا القارب ـ كما سبق القول ـ على طراز القوارب التجارية الشراعية في مصر القديمة، تبلغ سرعته من 7 إلى 8 كيلو مترات في الساعة، وهي نفس سرعة السيارة الأجرة وهي تسير في حديقة الهايد بارك. ونعود إلى قصتنا، إلى خريف عام 1851كان القارب أو السفينة الشراعية التي سنطلق عليها مايفلاي رابطة على الشاطئ عندما أرسل أصحابها لاستدعاء القبطان، العملاق عريض المنكبين الملقب باسم ستيفنسون الدموي، كان ستيفنسون هذا رجلا قويا، ملاكما لا يشق له غبار، ولكنه كان صاحب مزاج عصبي ونظرة قاتلة في عينيه عندما يثيره أحد. وقيل إنه عندما كان في الأسطول التجاري حيث خدم لمدة 15 سنة قاتل خمسة رجال على ظهر إحدى السفن في نفس الوقت فقتل منهم اثنين وأصاب الثلاثة الآخرين، ولذلك فقد تعرض للسجن لمدة ثلاث سنوات، وعندما خرج من السجن خدم في إحدى الشركات الخاصة وتورط في معركة أخرى على ساحل فلوريدا، وعندما بدأ البوليس يلاحقه قفز من سفينة إلى سفينة أخرى، وتوجه من فوره إلى إنجلترا. وفي ذلك الوقت كانت له سمعته السيئة في الخدمة على القوارب التجارية حتى إنه قرر البحث عن عمل على ظهر إحدى القوارب التجارية في نهري نورفولك وسيفولك، وهكذا أصبح مستخدما لدى شركة بيكلز. وكان لمستر دورمى أحد مديري الشركة ابنة جميلة في بداية العشرينات من عمرها، كانت هي أجمل فتيات البلدة، وكانت تحظى بإعجاب كل من رآها، وكان الدموي أحد هؤلاء المعجبين، وكذلك كان جاك زميله على السفينة مايفلاى. وبينما كان ستيفنسون الدموي ينظر إلى الفتاة البريئة الجميلة بشهوة حيوانية كان جاك وهو أيضا رجل قوي البنية يعبدها في خجل، وهكذا كان للفتاة ـ وتدعى ميليسنت ـ عاشقان متناقضان تماما. الشخص الثالث الذي كان يعمل على ظهر السفينة مايفلاى هو شاب قوي في السابعة عشرة من عمره يدعى بيرت انتويستل الذي كان يكلف بكل المهام الوضيعة فوق ظهر السفينة مثل التنظيف والترتيب، وما إلى ذلك، ولم يكن يشكو مطلقا. وعندما ذهب الدموي إلى الساحل في شهر سبتمبر وتوجه إلى مكتب مالكي السفينة تحدث مستر دورمى في الموضوع مباشرة:" كابتن ستيفنسون لقد قررنا أن نعهد إليك بمهمة شديدة الأهمية، إن المطلوب إرسال حقيبة جلدية ضخمة تحوي عملات ذهبية من هنا إلى البنك الذي نتعامل معه في يارماوث، إن لدينا أسبابا مقنعة بأن مثل هذه الحقيبة إذا تم إرسالها بعربة تجرها الخيول عبر الطرق المظلمة فسوف يتم اعتراضها وسرقتها، ولذلك فإننا سوف نرسل عربة تجرها الخيول وبها صندوق كبير لن يحوي ذهبا، ولكن رجلين مسلحين، وبهذا فإن من سيوقف هذه العربة سوف يحصل على الرد طلقات رصاص بدلا من صندوق الذهب. لذلك فقد قررنا أنه سيكون أكثر أمنا أن نرسل هذه الشحنة ذات القيمة بحرا، إنك رجل قوي، وكذلك جاك، وسوف نمدكم بشخص ثالث كحارس إضافي، وسوف تكون السفينة مزودة ببنادق وذخائر، ونحن لا نشعر أن أحدا يمكنه أن يفكر في اعتراض السفينة، كذلك فإن ابنتي ميليسنت سوف تسافر راكبة على ظهر السفينة التي تحمل صندوقا كبيرات على الذهب، ونريدك أن تقوم بهذه المهمة الحساسة". فرد الدموي:" سأكون خادمك المطيع، ولكن هل لي أن أسأل عن قيمة الشحنة؟" قال مستر دورمى بيرود:" 400.000 ألف جنيه إسترليني". ابتلع الدموي ريقه، ولمعت عيناه وقال بصوت خفيض:" يا لها من شحنة ذات قيمة كبيرة سيحملها البحر يا سادة". ثم استطرد قائلا:" على الرغم من أنى قبطان للسفن التجارية و تم تكليفي بشحنات أكثر قيمة". وكان الرد:" هذا ما توقعناه تماما كابتن ستيفنسون وهذا هو السبب قرارنا بالوثوق فيك وتكليف بنقل الشحنة، ستبدأ في العشرة والنصف مساء". وبعد نصف ساعة من مغادرة السفينة لياماوث، ستقوم بإنزال ميليسنت هناك حيث ستكون عمتها في انتظارها، وسوف يتم نقل الصندوق إلى العربة التي ستكون في الانتظار والتي ستتجه فورا إلى البنك، هل كل شيء واضح؟" قال الدموي:" كل شيء واضح". ثم حيا مستر دورمى وانصرف. صعدت ميليسنت الشابة الجميلة ذات القوام الممشوق، الممتلئة إثارة وفتنة، وقد راقبت لها فكرة الرحلة على ظهر مايفلاى، وقد أعدت قمرة خاصة لها على السفينة، وبعيدا عن إثارة الرحلة ذاتها فقد كانت ميليسنت تشعر بنوع آخر من الإثارة لأنها ستصحب الدموي الذي كان من وجهة نظرها يمثل نوعا من البطل الإغريقي، شيئا ما مثل آخيل، أو هرقل. وأبحرت السفينة تحت أشعة القمر، 15 ميلا فقط وستنزل ميليسنت لتناول طعام الإفطار مع عمتها في منزلها بيارماوث، واتجهت السفينة شمالا إلى برغ سانت بيتر وسومرليتون، وتحت أطلال قلعة برغ الدومانية، كان ستيفنسون على عجلة القيادة، وبعد قليل استدار فجأة ناحية مساعد عجلة القيادة وسأله:" هل أنت معي أم لا؟ هل ستعمل لحسابي أم لا؟" قال بيرت:" بالطبع أنا معك، فماذا تعني بالعمل لحسابك؟" أعني ما فهمت، هذه السفينة وكل شيء فوقها هو الآن ملكي، إنني أمتلك كل شيء، ستذهب هذه السفينة حيث أريدها أن تذهب، هل فهمت الآن؟" قال الشاب:" ولكنك لا يمكنك أن تقول إن هذه سفينتك، إنها تخص الشركة ولا يمكنك الاستيلاء عليها، إن هذه قرصنة وأنا لست قرصانا". قال الدموي العملاق وصبره يكاد ينفد:" إذن ستكون طعاما للسمك؟" وترك عجلة القيادة، واتجه إلى الشاب وأمسكه من رقبته وضربه فوق رأسه، ثم حمله في الهواء وألقاه في الماء، واقتربت السفينة مايفلاى من أضواء يارماوث، ولكن السفينة بدأت تغير اتجاهها. استيقظت ميليسنت في قمرتها لتعرف ما حدث، وسألت:" أين نحن يا كبتن؟ ألم نصل إلى يارموث؟ إنني لا أرى شيئا". ورد الدموي العملاق، وضحكة شريرة تملأ وجهه:" ولن ترى شيئا يا حبيبتي لقد تركنا يارماوث، ونحن الآن في البحر". سألته:" ولكن لماذا؟ لقد كان المفروض أن نتوقف في يارماوث حيث ستكون عمتي في انتظاري". وجاء الرد القاسي:" إنك لن تري يارماوث أو عمتك مرة أخرى، يا جميلة، إننا في الطريق إلى حيث قررت أنا أن أذهب، إنني قبطان هذه السفينة، تذهب إلى حيث أريدها أنا أن تذهب، وكل ما فوقها بما في ذلك النقود وأنت يا فتاتي هو ملكي، ستكونين زوجتي عندما نصل إلى مناطق أجنبية، إننا نملك من المال ما يكفي لنعيش كملوك إلى الأبد". " ولكنها نقود أبي، ، وسفينة أبي". قالتها ميليسنت وقد شحب لونها رعبا، فرد الدموي:"' إنك أيضا لن تري أباك مرة أخرى، اهبطي إلى قمرتك، لكم كنت اشتهيتك منذ وقت طويل، وها أنت الآن بين يدي، جاك، تول القيادة". وبالفعل أخذ جاك عجلة القيادة، وقد تجمد كالصخر، وقفت ميليسنت في تحدّ على ظهر السفينة، فأمسكها الدموي بيد واحدة وألقاها في القمرة وتبعها، وبعد دقائق صدرت صرخة مرعبة من أسفل، واندفعت ميليسنت إلى ظهر السفينة تنزف من جرح في عنقها بينما ملابسها قد مزقت، وخرج خلفها الدموي ستيفنسون الذي غطت وجهه الدماء. وهنا لم يتمالك جاك نفسه، فانفجر في الدموي، وتقاتل العملاقان فكانا مثل اثنين من النمور، أخذا يتمايلان للأمام وإلى الخلف على ظهر السفينة، وبينما يسقط أحدهما يعاجل الآخر بضربة، وبعد قليل جذب الدموي يده اليمنى شديدة القوة وهوى بها فوق عنق جاك، فسقط جاك بلا حراك وهنا حمله ستيفنسون وألقى به إلى الماء. وأسرعت الفتاة إلى أسفل فهرع الدموي خلفها، عندئذ جاء الشاب الصغير برت إلى ظهر السفينة ليرى الفتاة تصعد بسرعة ووراءها الدموي يحاول جذبها، وهي تحاول الفرار، وكانت الدماء تنزف بغزارة من عنق الدموي ومن صدره، ثم سقط على ظهر السفينة، بعدها بلحظة هوت الفتاة وخنجر في صدرها فوق العملاق الميت. وهكذا أصبح الشاب الصغير وحيدا مع جثة لرجل، وجثة لفتاة، وكومة من زجاجات الخمر وأرغفة الخبز، وبندقية وذخيرة في بحر الشمال، وبعد أيام أنقذت سفينة دانمركية الشاب الصغير، الذي أقسم أنه خلال الليالي المظلمة التي قضاها وحيدا على ظهر السفينة تكرر أمامه منظر الفتاة الصغيرة وهي تناضل والدماء تنزف من صدرها، والعملاق المصاب بطعنة في عنقه. بعدها بثلاث سنوات، قال فريد المراكبي:" وفي إحدى الأمسيات كان مستر دورمى يصطاد كما نحن الآن تماما، وفجأة عبرت السفينة البيضاء، وفوقها شاهد مستر دورمى شبح ابنته والدماء تنزف منها بينما يجري الدموي خلفها وهي تصرخ:" أبي أنقذني، أنقذني". ثم احتفت السفينة وسقط مستر دورمى ميتا".
غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض |
الأربعاء، 12 يناير 2011
قارب الأشباح ... و يبقى اللغز
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق