السبت، 8 يناير 2011

الأصوات الخفية التي حدثت آلان غيون

يمكن وصفه بالرجل الذي يملك رأسا تتوسط كتفيه أي رجل رزين... انه صحفي و على غرار العشرات من زملائه، تم الزج به في سجون أفغانستان لمدة تسعة شهور مع نهاية الثمانينيات. بالنسبة للبعض ما عاشه هذه الرجل مجرد اضطرابات نفسية، لكن بالنسبة إليه هو شخصيا فان ما مر به يعتبر بمثابة ميلاد جديد، لأن السجن حرره نوعا ما... انه السيد - آلان غيون - و هذه قصته.

 

في ذلك الوقت، ثماني سنوات كانت قد مرت منذ أن تم احتلال أفغانستان من قبل الاتحاد السوفييتي. إنها سنة 1987 و الحرب على أوجها، لكن رغم مخاطر الحرب، لم يتردد الصحفي المصور- آلان غيون - عن العودة إلى ذلك البلد للمرة الرابعة عشر، متحديا العواقب التعسفية التي ظل رجال الصحافة الدولية يتعرضون إليها بمجرد الشك في شخصياتهم.

في 28 أوت من نفس السنة، تم توقيف - آلان غيون - من قبل مصالح المخابرات الأفغانية، قبل إيداعه السجن بكابول و لم يكن يعلم أن بسجنه هذا ستعرف حياته تغييرا جذريا و أنه سيؤلف كتابا يتحدث فيه عن أصوات غريبة كانت تتصل به في زنزانته محاولة بعث الأمل في نفسه و إنقاذه بتزويده بالنصائح... فتلك ألأصوات ساعدته على تحويل كابوس مرعب إلى تلقين روحي ذاتي. إنها أصوات يُقال أنها صادرة عن من اعتبرهم " موجهيه " الروحيين الذين مكنوه من تجاوز العذاب و المعاناة الى عالم آخر لم يشك - آلان غيون - لحظة واحدة في وجودها الحقيقي.

متهم بالجوسسة... - آلان غيون - كان عليه أن يتحمل عشرات الاستجوابات على مدار أربعة شهور و المصالح السرية حاولت بكل ما أُوتيت من قوة حمله بالقوة على توقيع اعترافات واهية، لكنه لم يكن يفهم كلمة واحدة من اللغة الأفغانية التي كان يتحدث بها مستجوبوه... و هكذا قاده سكوته إلى دخول زازانته الأولى دون أن يمكنه محتجزوه من الاتصال هاتفيا بسفارة فرنسا هناك إضافة إلى كونه كان بدون محام.

دخل الزنزانة محبطا، مقتنعا من أن الإعدام هو مصيره المحتوم و بعد فترة معينة تم تحويله إلى زنزانة ثانية لاقتسامها مع سجين أفغاني اسمه محمد الذي منذ دخوله لأول مرة، استقبله بالتحية " السلام " فرد عليه - آلان غيون - بالمثل و ما أن أُغلق الباب حتى راح محمد يحاول التحدث إليه بالفرنسية، الشيء الذي جعل السيد غيون يشك في كون الرجل واحد من عناصر المصالح السرية الأفغانية، تم تعيينه هناك خصيصا للتجسس عليه و معرفة حقيقة مجيئه إلى هناك و قال - آلان غيون - بعد الأحداث التي عاشها أن الطرفان ( أي هو و ذلك الرجل المسمى محمد ) كانا متحفظين و متخوفين إزاء بعضهما، خصوصا بعدما أخبر محمد رفيقه بأنه فرنسي هو الآخر، الشيء الذي صدم - غيون - لأنه من الغريب وجود فرنسي في نفس الزنزانة، بينما هو متابع بتهمة الجوسسة لصالح البلدان الغريبة، إلى درجة أن - غيون - أفصح لرفيقه صراحة عن شكه بجذب أطراف الحديث معه بغية انتزاع بعض المعلومات و ذهب إلى حد القول له: " سيطلبون منك من بعد تحرير تقرير مفصل حول ما دار بيننا من حديث... بامكانك أن تفعل ذلك بشرط أن تقول الحقيقة و لا تحاول اختلاق أشياء أخرى من رأسك " و منذ ذلك اليوم تحول الاثنان إلى صديقين حقيقيين.

الاستجوابات تواصلت مع - آلان غيون - في غياب محام، لكن بحضور مترجم امتحنه منذ أول لقاء معه للتأكد مما إذا كان فرنسيا حقا أم لا... و هذا ما أثبته - آلان غيون - غير أن مجموعة من المستجوبين حاولت حمله بالقوة على الاعتراف بأنه كان يمارس  تهريب الأسلحة و أنه جاسوس.

بقي السيد- آلان غيون - محجوزا في السر.. يتردد يوميا بين خليته و مكتب الاستجوابات إلى أن يتوصل رجال المخابرات إلى ما كانوا يريدونه و هو معرفة حقيقة مجيئه إلى أفغانستان.

الاضطراب أصابه و الأمل أخذ يهجره... - آلان غيون - لم يكن يعلم شيئا عن ما كان يحدث في الخارج بفعل عزله عن العالم الخارجي مما وتر أعصابه إلى درجة كبيرة و من شدة اشتياقه إلى الحياة الخارجية، جاءته فكرة الاتصال الذهني عن بعد، الذي كان قد سمع عنه كل الناس دون أن يسبق له أن جربه و لو مرة واحدة... حاول القيام بذلك، لكن لا شيء تحقق مما كان يرغب فيه، الأمر الذي قاده إلى التخلي عن الفكرة النابعة من اعتقادات اعتبرها تافهة و لا وجود لها في الحقيقة و لكن في اليوم الخامس الذي أعقب تلك المحاولة اليائسة و بينما كان جالسا على الأرض، أخذ فجأة أحد أصابع يده اليمنى يتحرك وحده على الأرض مخططا حروفا دون أن يأمره عصبيا بذلك، مما أدى به إلى الخوف من ذلك السلوك غير الطبيعي متساءلا في قرارة نفسه عما إذا كان ذلك بداية جنون و في الليل بينما كان نائما سمع صوت امرأة يدوي في أعماق نفسه محدثا إياه: " آلان، آلان انهض "... محمد الذي كان نائما استيقظ و سأل آلان ان كان قد ناداه فأجابه آلان بأنه لم يفعل، فقال له محمد: " لقد أيقظني صوت امرأة كان يناديني، محمد ، محمد "... و المصيبة هي أن محمد قبل أن يوقظه ذلك الصوت رأى حلما كان فيه هو بفرنسا و من حوله عدة أشخاص لم يكن يعرفهم... كان ذلك داخل منزل ريفي و الأشخاص الذين كانوا من حوله كثيرين، مثلما رآهم في الحلم... و عندما طلب منه - ىلان - وصف بعضهم، قدم له أوصاف عشرة منهم على الأقل يُعدون من أقارب -آلان - لكنهم ماتوا منذ عدة سنوات في ذلك الوقت و ألغرب من هذا و ذاك هو أن آلان لم يحدث رفيق زنزانته محمد أبدا عن أولئك الأقارب الميتين و بدون شعور منه، بعد سماعه لتفاصيل الحلم الذي رآه محمد، راح - آلان غيون - يصلي بعمق و خشوع رغم أنه لم يحدث له أن صلى من قبل بتلك الدرجة من الصدق و يقول الرجل في شهادته بأنه شعر و كأن أجداده و أقاربه الموتى كانوا يحومون من حوله.

فهل الأصوات التي عادت إلى - آلان غيون - بعد ذلك، كانت آتية من وراء الحياة؟... الأصوات استمرت و أخذت تتضخم في كل مرة أكثر إلى درجة أنها بلغت مستوى معينا، مكن - آلان غيون - بكل غرابة من زيارة عوالم عجيبة مبهرة يتعذر وصفها و يؤكد الرجل بأنه في زيارته المتكررة لتلك العوالم العجيبة كان ينتابه شعور الانتماء إلى كونه كان ستمتع بذكاء قوي و خارق للعادة... ذكاء يفوقه كليا، بحيث أنه  بينما يكون مرتخيا على بساطه الأرضي و في كامل وعيه، تفاجئه قوة تحمله في سفر من نوع آخر لا يحس خلاله بأي شكل من أشكل الخوف و القلق و يكون خلاله محاطا بشيء من العاطفة القوية التي و كأنها صادرة عن أناس يحبونه و يرافقونه في ذلك التنقل الذي لم يكن يرى أثناءه شيئا آخر غير الضوء... ضوء خارق للمألوف.. لقد كان نورا يبعث الراحة و السعادة... و تطور ذلك الضوء إلى حد أصبح دائما تقريبا طيلة خمسة أيام ظل - آلان غيون - يشاهد خلالها كل شيء مصنوعا منه ( أي من ذلك الضوء ) بما في ذلك حتى حراس السجن، الأمر الذي جعل - آلان غيون - يحذر نفسه من مغبة الوقوع في فخ قد يكون من تدبير المصالح السرية، كأن توضع له بعض العقاقير أو المخدرات في طعامه و بالتالي يجد نفسه في تلك الحالة التي قد تعرف نهاية يصعب التوقع بنتائجها الوخيمة و للتأكد من ذلك قرر - آلان غيون - التوقف عن تناول ما كان يُقدم له من طعام و شرب.

لو كانت المواد الكيماوية التي شك - آلان غيون - في مزجها بطعامه و شرابه هي السبب في ما كان يحدث له لأعطت مفعولها بعد عشرة أيام، أضرب خلالها الرجل عن ألأكل و الشرب و بكل غراب، لم تظهر عليه أعراض أي ضعف... لكن الأصوات لم تختف... إذن؟

من جهة أخرى كانت ثلاثة شهور قد مرت على اختفاء- آلان غيون -... صديقته - جان - و زملاؤه الآخرون حركوا وسائل الإعلام تجاه قضيته فبدأت ألأخبار تتضارب بشأنه حيث قيل بأنه مات ثم انه جريح، في حين قالت مصادر أفغانية أخرى بأنه تم العثور عليه في كيس بحري مرمي في الماء... الخ من الأخبار المتضاربة غير المؤكدة و بدأت ألأمور تتضح شيئا فشيء إلى أن سقطت ذات مساء برقية تفيد بأن - آلان غيون - قد تم توقيفه من قبل المصالح السرية الأفغانية...15 يوما بعد تلك البرقية قام رجال و نساء الصحافة الفرنسية بتشكيل لجنة مساندة لزميلهم - آلان غيون - و تحرك كل القطاع بقوة في اتجاه رئاسة الجمهورية و مختلف مصالح الحكومة... في ذلك الوقت كان - آلان غيون - معزولا نهائيا عما كان يحدث خارج السجن و الأصوات راحت تكثر على الرجل و تتشابك في ما بينها و تُضخم إلى درجة أنها أصبحت تعذبه و لم يعد قادرا على تحملها.

هل كانت أصواتا حقيقية أم أن - آلان غيون - هوالذي كان يتدحرج نحو الجنون؟ رفيق زنزانته محمد يشهد بأنه عاش عن قرب ما كان يصيب - آلان غيون - الذي يعتبره رجلا يتمتع بكامل قواه العقلية و النفسية و العلمية و الثقافية و عليه فانه ( أي محمد ) يرفض مبدئيا أي احتمال يقول باضطرابات عقلية أو نفسية كان يعاني منها الرجل و بالتالي أدت به إلى تلقي أصوات وهمية.

الأصوات بلغت حدا لا يطاق. لقد أصبح - آلان غيون - يسمعها في الليل مثلما في النهار. الرجل نفذ صبره و كان يريد التخلص منها فلم يجد أمامه من وسيلة غير ضرب رأسه بكل قوة و عنف على جدران الزنزانة و قد فعل ذلك بشكل أدى بأبعد الحراس عنه، إلى سماع الدوي... كان يضرب رأسه دون رحمة و لا شفقة و رغم كل ذلك، فقد اختفى بعض الأصوات لكن البعض الآخر بقي و أصبح يشكل شبه تشويش على صوت قوي واحد استمر في التحدث إليه. لقد كان ينصحه و كأنه كان يسعى إلى حمايته.

في يوم 4 جانفي من سنة 19888، مثل - آلان غيون - أمام محكمة أفغانية قررت سجنه لمدة عشر سنوات... الأفغان بثوا المحاكمة تلفزيونيا على المباشر... الحكم أذهل الفرنسيين..الأوساط الإعلامية و السياسية تجندت و تحركت... كبار السياسيين الفرنسيين ضغطوا على قيادة كابول آنذاك و أربعة شهور من بعد و بالتحديد يوم 28 ماي من نفس السنة، على الساعة السابعة صباحا حلقت الطائرة بالصحفي - آلان غيون - الذي اُطلق سراحه.

- آلان غيون - قال منذ سنوات قليلة بأنه كان سعيدا بما عاشه و اكتشفه طيلة التسعة شهور التي قضاها في السجن لأن ذلك غير كلية من نظرته لهذه الحياة التي لم تعد تهمه كما كان الحال من قبل.

ما الذي حدث بالضبط؟ هل - آلان غيون - هو الذي خلق بنفسه من تلقاء لا شعوره تلك الأصوات حتى يزود نفسه بالأمل و قوة تحمل معاناة السجن؟ أم أنها أصوات حقيقية صدرن عن ما وراء الحياة كي تحقنه بالنصيحة و تحميه؟ - آلان غيون - يقول بأن تلك الأصوات كانت جد واضحة نطقا و سمعا و كانت تاتي في شكل حوار يدور بينها لكن بداخله هو و كانت تبدو بما لا شك فيه أنها كانت تصدر عن عدة " قنوات " و بعض تلك الأصوات كان يأخذ من بين عينيه محلا له أي أن - آلان غيون - كان يتلقاه و يحس به بين عينيه. أما الأصوات ألأخرى و على بالأخص الصوت الرقيق الذي يقول - آلان غيون - بأنه كان يثق فيه، فقد كان يتلقاه خلف دماغه و حتى بعد الخروج من السجن ظل - آلان غيون -يتلقى بعض تلك الأصوات إلى يومنا هذا حتى و إن كانت أقل عنفا من تلك التي جعلته يكسر رأسه على الجدران... إنها أصوات أكثر سرية و لا تتردد عليه بصفة دائمة مثلما كانت.

الأصوات التي بدأ - آلان غيون - يتلقاها بعد سجنه كانت تبدو عنيفة و حاقدة عليه... هل لأن لديه ماض جد بعيد سلبي إذا ما افترضنا أنه كان موجودا منذ مئات السنين تسليما بمبدأ إعادة التجسيد réincarnation. الباحث فرانسوا برون أحد أكبر الأخصائيين في الاتصال بالأموات عن طريق أجهزة الاتصال الحديثة  la transcommunication  يقول بخصوص حالة آلان غيون: " هناك نقطتان مهمتان، الأولى تتعلق بظروف سجنه التي كانت جد صعبة و عليه فقد كان لا شعوره مطالبا بالتصدي لتلك الظروف و محاولة تجاوزها و النقطة الثانية التي يجب أن يعلمها الجميع هو أن في ما وراء الحياة الطبيعية ... يوجد أناس يريدون المزاح معنا و آخرون، يصممون على مساعدتنا على تحقيق نتيجة من شأنها أن تنقذ شخصا ما إن كان في حالة خطر، بدليل أن آلان غيون كان يستقبل أصواتا لم ترحمه نظرا لصرامتها و عنفها و كأنها كانت تريد الترويح عنه في نفس الوقت الذي كانت تزوده فيه بالنصائح ". أحد الأطباء النفسانيين يقول بأن تجربة آلان غيون فريدة من نوعها و أنه عاجز عن التعليق عليها.

 

غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض

غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض غرائب ظواهر غير طبيعية ما وراء الطبيعة أرواح أشباح ألغاز بلا تفسير حوادث غريبة غموض


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق