السبت، 8 يناير 2011

آثار أقدام الشيطان

كان شتاء عام 1855 شتاء قاسيا تعرضت له حتى المناطق الجنوبية الغربية من بريطانيا التي غالبا ما عاشت شتاء معتدلا. وفي صبيحة الثامن من فبراير من تلك السنة خرج السيد اليرت برليفود وهو مدير مدرسة قرية ثوبشام في مدينة ديفن من منزله ليكتشف أن الثلوج قد تساقطت طوال الليل ولم يكترث لذلك حتى رأى خطا من آثار أقدام أو على وجه التحديد آثار حوافر حصان تتجه جنوب شارع القرية.

للوهلة الأولى كانت تبدو حوافر حصان، فأقترب منها وتأكد له استحالة تخمينه الأول ذلك لأن هذه الآثار اتخذت شكل خط مستقيم، الأثر بعد الآخر، فلو كان حصانا لكان بساق واحدة ولكان يحجل طوال الطريق وإذا كان هذا المخلوق بساقين فلابد وأن يكون قد وضع أحداهما أمام الأخرى بكل حذر. وكأنه يسير على حبل مشدود.

الأكثر غرابة في الأمر أن هذه الآثار وهي بطول أربعة إنشات كانت تفصل الواحد منها عن الأخرى ثمانية إنشات تماما وكان كل آثر منها واضحا جدا وكأنك بصمت بحديد ساخن على جليد صلب.

سرعان ما تبع أهل القرية الآثار المجهولة وتوقفوا مذهولين عندما وصلت آثار الأقدام إلى جدار من الطابوق، وبعدها كانت دهشتهم أكبر حين اكتشف أحدهم أن هذه الآثار قد استمرت على الجانب الآخر من الجدار وأن الجليد في أعلى الجدار لم تطأه قدم مخلوق. ثم وصلت إلى كومة تبن واستمرت على الجانب الآخر منها على الرغم من أن التبن لم يظهر أن مخلوقا غريبا قد مر فوقه. ومرت آثار تحت أشجار المشمش بل أنها ظهرت على قمتها أيضا.

لاح الأمر وكأن مهرجا متمرسا مجنونا أراد أن يضع القرية في لغز محير، لكنهم سرعان ما أدركوا أن هذا التفسير أبعد من المعقول ذلك أن المحققين قد اتبعوا الآثار ميلا بعد ميل على طول ضواحي مدينة ديفن واكتشفوا أنهم يتخبطون في قرى ومدن صغيرة ( لمبستون، اسماوث، تينماوث، دولش توتنس ) حوالي منتصف الطريق إلى بلابماوث.

فلو افترضنا أنه مهرج متمرس لتوجب عليه أن يقطع أربعين ميلا معظمهما فوق جليد كثيف وفوق هذا، أن مثل هذا المهرج كان لازما عليه أن يسرع إلى الأمام ليقطع أكبر مسافة ممكنة. فالآثار كانت تقترب في أكثر من موضع إلى أبواب المنازل الخارجية ثم تبتعد وهكذا، وبينما عبر هذا المخلوق مصب نهر الاكس وكأن عملية العبور كانت بين المبستون وباودرهام نجد آثار أقدام في اكسماوث أبعد إلى الجنوب وكأنه قد عاد أعقابه ولم يكن ثمة منطق يبرر إتباعه مسلكا كهذا.

في مواقع معينة ظهر الحصان بحافر مشقوق. لقد كان ذلك في منصف العهد الفيكتوري فشكك بعض أهالي الريف وجود الشيطان وتسلح الرجال بسلاحهم واستخدموا المذراة في تتبع الآثار وبحلول الظلام ترى الأبواب وقد أوصدت وحشوا البنادق بالرصاص.

بلغت القصة مسامع الصحافة في السادس عشر من فبراير عام 1855 أي بعد أسبوع من الحادث حين نشرت التايمز اللندنية القصة بأكملها مضيفة أن معظم مزارع لمبستون قد شاهدت آثار الزائر الغريب. وفي يوم التالي نشرت بلابماوث كازت تقريرا أشارت فيه إلى مقترح أحد القساوسة من أن هذا المخلوق هو كنغر دون أن يدرك أن للكنغر مخالبا.

بينما رأت صحيفة اكسترفلانيكك بوست أن هذه الآثار هي آثار طائر. لكن مراسلا في صحيفة لندن نيوز رفض هذه الفكرة مؤكدا أن لا طائر يترك آثارا تأخذ شكل حوافر حصان مضيفا أنه قد أمضى خمسة أشهر في غابات كندا الجنوبية ولم ير قط مثل هذه الآثار الواضحة المحددة. وفي الثالث من مارس نشرت صحيفة لندن نيوز تقريرا لعالم التاريخ الطبيعي والمؤرخ ريتشارد أون أعلن فيه بتعصب أنها آثار الأقدام الخلفية لحيوان الغرير وهو حيوان ثدي يحفر جحره بالأرض. ويقترح أن أعدادا كبيرة من هذا الحيوان تخرج من سباتها ليلا بحثا عن الطعام ولكنه لم يوضح أسباب حجلان هذه الحيوانات على قد خلفية واحدة. وبعد مرور خمس سنوات كان هذا العالم متعصبا ومخطئا في ذات الوقت حول نظرية دراون في أصل الأجناس.

كتب مراسل أخر وكان طبيبا أنه أمضى مع طبيب آخر وقتا طويلا في النوع من التزويق اللفظي. وادعى أن إضافة دقيقة أكثر في فحص هذه الآثار سيجعل من الممكن تميز آثار الأصابع وراحات الأقدام لأي حيوان ما.

أما مرشحه فكان كلب البحر. ويرى الصحفي أورينثر أن هذه الآثار تعود دون أدنى شك إلى طائر الحباري الكبير. وه طائر مخالبه مدورة حسب ادعائه. وادعى آخر وهو من مدينة ساوبيري أنه رأى مؤخرا آثار فأر في مزرعة بطاطا وأنها تشبه تماما هذه الأقدام الشيطانية. مضيفا أن هذه الفئران كانت تقفز على الجليد لتسقط بكامل ثقلها مولدة آثار تشبه حوافر الحصان. يظم مراسل اسكتلندي أن هذا المجرم ربما يكون أرنبا وحشيا أو قطا قطبيا.

     

إن هذه التفسيرات جميعها هي اللغز وهي أن هذه الأقدام يتبع أحدها الآخر بنسق منتظم وكأنها لحيوان أحادي الساق. ولكنها فشلت في ذات الوقت في شرح سبب استمرارها ما يعادل أربعين ميلا.

ربما تكون أكثر الفرضيات احتمالية هي تلك التي قدمها فيما بعد جفري هاوسهولد في كتاب صغير ضم كل ما يتعلق بالمسألة وعلق أدناه في رسالة بعثها إلى المؤلف:" اعتقد أن مدرج مطار ديفن أطلق بمحض الصدفة منطادا مختبرا انفلت من الحبال الشادة له وترك قيدين على حافة الحبال. وأن الآثار التي تركها القيدان على الثلج قد خطت طريقها على جوانب البيوت. فوق كومة التبن. وقد أخبرني الميجر كارتر وهو من أهالي المدينة أن جده كان يعمل في المطار وقتها وبأن كل شيء قد انطفأ في لمحة البصر فقد دمر المنطاد عددا من البيوت الزجاجية والأبنية الزجاجية والشبابيك حتى هبط أخيرا في هونتون".

ربما تتجلى هنا عوامل الإثارة في مثل هذه المعلومات وربما تكون هي الحل المناسب لهذا اللغز، إلا أن نقاط الضعف لما تزل عالقة به. فرسم خارطة مسار هذه الآثار بين وبشكل واضح أنها ق قد اتخذت مسارا دائريا بين ثوبشاوم واكسماوث. فهل يعقل أن يتجول منطاد هارب بهذه الكيفية؟

مما هو مؤكد أنه سيسلك طريقا مستقيما بشكل أو بآخر ومع اتجاه الريح السائدة آنذاك والتي كانت على الأرجح قادمة من جهة الشرق.

كان مضى أسبوع قبل نشر هذا اللغز في الصحافة لهو الدليل والحقيقة على أن مفاتيح مهمة لحله قد اختفت مرة وإلى الأبد. ولكان شيقا معرفة جوانب أخرى تتعلق به نذكر منها أن ليلة الثالث من فبراير كانت الليلة الأولى التي سقطت فيها الثلوج لشتاء عام 1855. لقد كان شتاء قاسيا، نعم ، فهذا يعني أن العديد من الحيوانات الصغيرة كالفئران والأرنب لابد وأن تكون نصف جائعة بحلول       فبراير. وقد خرجت تبحث عن غذائها.

ثم أن الرسالة الموجهة إلى صحيفة بلابماوث كازت تبدأ ليلة الثلاثاء،الثالث من فبراير قد شهدت تساقط ثلوج كثيفة أعقبتها الأمطار والرياح العاتية القادمة من الشرق أما الصباح فكان ضبابيا.

إن الحيوانات الصغيرة كانت تخرج كل ليلة ولكنها لم تترك آثارا يمكن ملاحظتها إلا في صباح تلك الجمعة وعلى سجادة الجليد التي فرشتها السماء في تلك الليلة. ولكن مثل هذه الآثار كان مفروضا أن تغطس في طبقة الجليد الحقيقية أولا ثم يزداد عمقها مع سقوط الأمطار قبل أن تتجمد وأن هذا سيوضح سبب ظهورها وكأن أحدا قد بصم بها على الجليد.

إذا ما غطى الجليد الأرض قبل ليلة الثالث من فبراير لتوجب التخلي عن إحدى النظريات الواردة الاحتمال لقد فشلت كل الحالات في توضيح كيف أن هذه الآثار قد اتخذت من أعالي الأشجار وأكوام التبن مكانا لها ولهذه المسافة وفي مثل هذا  الوقت، وهكذا بقي اللغز لغزا مستعصيا دون أنى شك.

 

ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة

ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة  ألغاز أسرار ظواهر غريبة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق