الناس يحبون الذين يحبون. ويعطفون عليهم. ومن هذا الحب والعطف أصبحت للمحبين هذه القصص الكثيرة في حياتهم وبعد وفاتهم. و كثيرا ما وجد المحبون أنفسهم في هذه المحنة بين الوفاء للحب وبين الطاعة للأب أو للأم أو الانحناء أمام المجتمع. والمجتمع أقوى ولكن الحب أبقى. وكثيرا ما تمنى المحبون الموت، لأنه أرحم من الحياة، ولأنه يجمع المحبين مرة أخرى وراء هذه الحياة، وبعيدا عن عيون لا ترحم، وألسنة لا تشبع منهم. ولذلك هانت الحياة على المحبين و هان الموت أيضا. لأن الذي يشغل قلوب المحبين هو كيف يلتقون إلى غير نهاية. صحيح كيف يلتقون بعد ذلك؟ لا أعرف. ولكني سمعت القيسي يقول ذلك كثيرا. هل صدقت ما يقول؟ هل يستطيع أحد ألا يصدق؟ طبعا يستطيع أن يصدق أي شيء آخر. كيف تقول ذلك وأنت رجل مؤمن؟ لأن الإيمان ليس معناه ، الإيمان بما يقوله رجال الدين دائما. إذن ما هو الإيمان؟ هو هنا ـ وأشار إلى قلبه ـ وهنا ـ وأشار إلى عقله ـ وهنا ـ وأشار إلى يده ـ وهنا ـ وأشار إلى معدته ـ وهنا ـ وأشار إلى الأرض ـ وهنا ـ وأشار إلى الشجرة. كنت نسيت هذه الشجرة. كيف مع أنني أتيت إلى هنا لتعرف وتصف ما ترى وتقول للناس ما معنى هذا كله؟ كانا شابين تحت أغرب شجرة في انجلترا. شجرة عادية بالنهار. وغير عادية بالليل. والناس يهربون من الطريق إليها، والنظر إليها. ويجعلون طريقهم بعيدا عنها. فالحكايات كثيرة. ويقال أن حريقا يشب فيها بلا دخان ولا نار. لكن هذين الشابين يريدان أن يريا بالضبط ما هذا الذي يجري هنا. إنهما في أوت سنة 1595 وفي الهواء دفء وعلى السماء ستائر رقيقة من السحاب. والأصوات الهامسة في الغابة تتابع الهواء أينما ذهب. ولكن كل شيء هادئ. وابتعد الشابان عن الشجرة ليراها بوضوح. فجأة لمس واحد منهما الآخر. لقد اختفت الشجرة. ونظر كل منهما للآخر كأنه يقول: هل ترى ما أرى؟ يكون الجواب بكلمة واحدة: نعم. بعد ذلك بدأت أوراق الشجرة تتساقط ورقة ورقة. الورقة بيضاء تتثنى. ثم تسبح قليلا في الهواء على أنغام موسيقي لا يسمعها أحد. ولكن حركتها موسيقية. أو مرسومة بعناية. ورقة وراء ورقة حتى تصبح الأرض مفروشة بأوراق مضيئة. وفجأة يظهر فرع شجرة أبيض وفرع آخر وثالث ورابع. وتستوي الشجرة في مكانها. وينفتح قلبها ويخرج اثنان من الشباب. فتاة وفتى. يتلامسان. يتعانقان. ويخرجان من الشجرة إلى الغابة. . والضوء يتبعهما. فإذا اتجهت عينا الشابين إلى ما وراء هذين العاشقين، اختفى العاشقين. وإذا نظر الشابان إلى مكان الشجرة، فإنهما يجدان شجرة عادية. ويهدأ كل شيء. بل إنهما يسمعان الأشياء كأنها تصرخ. لابد أن يكون سبب ذلك ه الخوف الشديد الذي غمرهما ببرودة عنيفة. ويعود الشابان كل إلى بيته. وفي لحظة يقرر كل منهما أنه لا يستطيع أن ينام وحده فيخرج من البيت ويلتقي الاثنان في منتصف الطريق ليجلسا معا حتى الصباح دون كلمة واحدة. يعود الشابان كل يوم إلى هذه الشجرة في الساعة الثامنة والربع من مساء كل ليلة. ويريان ويرجعان ولا يفهمان شيئا. ولكن لسبب غريب جدا، لا يرويان شيئا من ذلك لأحد. ومرض الشابان في وقت واحد. وجاءهما القسيس. وكان لابد أن يعترفا. واعترفا. وزادت دهشة الناس. سألهما القسيس: ولكن أي سر في هذا؟ لا سر. ولكن وجدت نفسي عاجزا عن أقول أي شيء لأي أحد. ولماذا؟ لا أعرف. ثم يلتفت القسيس ويسأل الشاب الآخر: وأنت ما الذي جعلك تسكت عن هذه المعجزة التي رأيتها كل ليلة؟ أريد أن أقول. ولكن لا أجد هذه القدرة. ولا أجد ضرورة لأن أقول شيئا لأن هناك قوة أخرى تمنعني من الكلام. ولا أعرف ما هي؟ وكيف تقول الآن؟ لا أعرف. ربما لأنني سوف أموت. ربما كان هذا السر الأخير. أو كان هذا هو الثمن. إذا قلت مت. وأنت ماذا تختار؟ أن أقول وأموت بعد ذلك. ومات الشاب بعد ذلك بلحظات. ومات الشاب الآخر بعد صديقه بلحظات. أما القصة فقد أصبحت معروفة بعد ذلك. أو كانت معروفة ولكن أحدا لا يجرؤ على الكلام. القسيس يعرفها. والعمدة. والبلاد في هذه المنطقة من انجلترا. فهم يعرفون ماذا حدث لليدي دوروثي ابنة سير جون سوثورت أحد رجال الحاشية في عهد الملكة إليزابيث الأولى ( 1533 ـ 1603 ) ابنة الملك ادوارد الثامن من عشيقته آن بولين. هذه الملكة إليزابيث كانت قاسية. فيها رجولة صارخة، وفيها أنوثة معقدة. ولكنها قادرة على أن تلعب على كل الحبال السياسية والدينية. وكانت بارعة في اختيار مساعديها. وعندما ذهب سير سوثورت يروي لها أن ابنته ماتت في ظروف غامضة. حزنت الملكة وبكت. ولكنها روت له بعد ذلك القصة الحقيقية التي تعرفها. فشعر سير جون سوثورث بالخجل الشديد. كيف أنها عرفت أنه هو الذي قتل ابنته. لكن الملكة كانت تعرف وتسكت. فإذا تكلمت قتلت ولذلك كانت مخيفو. وهذا الرجل سير جون كانت له ابنه اسمها دوروثي. أحبها شاب من الأغنياء. ولكن الأب لا يوافق على هذا الحب بأي حال. مستحيل فهو رجل كاثوليكي. وهذا الشاب بروتستانتي. ولا يمكن أن يسمح لشاب بروتستانتي أن يحب ابنته. ولا أن تحبه هي. ومستحيل أن يقترب منها أو يتزوجها. إن موتها أهون من أي شيء آخر. لكن الفتاة أحبت هذا الفتى. وهما يلتقيان في الغابة سرا تحت هذه الشجرة. وبدأ الناس يتكلمون. ووصل كلام الناس إلى الأب متأخرا. بعد أن أصبح الوهم حقيقة، والحب تعاقدا على الزواج. والزواج حقيقة، والأب والمجتمع والدين وهم. فلا حقيقة إلا الحب. ولا بقاء إلا للمحبين مهما كان الثمن. وتشجع العاشق، وكل العشاق شجعان وذهب إلى الأب. وفوجئ الأب ودار بينهما هذا الحوار الذي يحفظه الناس كما يحفظون الصلوات. الشاب: سيدي أنت تعرف لماذا جئت. الأ[: لا أعرف. ولكني أريد أن أ'رف. وصبري له حدود. الشاب: أنا أحب ابنتك. وهي أيضا. الأب: لا أسمح لها أن تحب. ولا أن تحبها. الشاب: ولكن الحب أقوى من الجميع. الأب: أنا أقوى من الحب. والدين أقوى من الجميع. الشاب: الدين هو الحب. الأب: لا أسمح لبروتستانتي أن يدخل بيتي. وإذا دخلته لا أسمح له أن يبقى أكثر من ذلك. الشاب: إنك تحطم قلب ابنتك. الأب: قلب ابنتي ملكي وأنا حر فيما أملك. الشاب: ولكنك لا تملك قلبها. الأب: ولا أسمح لأحد أن يعلمني ما يخصني. الشاب: أنت تبني سعادتك على أوهام. الأب: ولا أسمح أن يقول لي كلب صغير مثلك هذه الكلمات الطائشة. ولا شيء يسعدني إلا خروجك فورا. الشاب: سأخرج ولكن يجب أن تعرف أن في ذلك شقاء لقلبين. وقضاء عليها الأب: أنت تتحدث عن نفسك. أخرج يا كلب يا كذاب. الشاب: لم أكذب عليك. إنما أنت الذي تكذب على نفسك. وتجعل سلطات الأب بلا حدود. ولكنك سوف تندم. الأب: أخرج. إنني أندم فعلا لأنني سمحت لحقير مثلك أن يدنس بيتي. أخرج. خرج . وتحول البيت إلى سجن وأصبح محرما على ابنته دوروثي أن تخرج أو تدخل. فكر والدها أن يدخلها الدير. وكان ذلك هو الحل السهل لمشاكل القلوب العاشقة. ولكن جاء من يهمس في أذنه ويقول له: بل إذا ذهبت إلى الدير فسوف يكون اللقاء أسهل. هل نيست ما فعلته ابنة اللورد. وابنة الكونت. ويتذكر أن بنات الدير أكثر حرية من بنات البيوت في ذلك الوقت. وفي كل وقت. ويكتفي الأب بأن يسجن ابنته. ولكن كل من في البيت يعطف على الفتاة الجميلة، التي لم تفعل سوى أنها أحبت. وكان خروجها من السجن أسهل من أي وقت. وكان البيت كله يتستر عليها. وكانت الفتاة تلتقي بحبيبها كل ليلة تحت الشجرة. علمت الابنة أن والدها سوف يسافر إلى لندن لبضعة أيام وكانت فرحة. اتفقت هي وحبيبها على الهرب والزواج في أي مكان. وجلسا تحت الشجرة يناقشان كل شيء. واتفقا. وفرقهما الليل. وكلن الفتاة لم تنم. لقد ظلت طول الليل ترتب فساتين الزفاف. وأحست أنها عروس منذ اللحظة التي اتفقا فيها على الزواج. وأقفلت عينيها حتى لا ترى سواه. وضمت يديها على صدرها تعانقه. فإذا طلع النهار كانت في غرفتها قد ارتدت ثوب الزفاف. وعندما فتحت بابها، كانت كل أبواب البيت مغلقة. فقد أفسحوا لها الطريق. وكانت قلوب الخدم تدق وراء الأبواب وتدعوا لها بالسعادة. وخرجت إلى الغابة. وكانت الأشجار هي الأخرى لا تتحرك. كأنها في حالة خشوع. لا صوت. لا همس. لا هواء. لا شيء. قلبها يدق. كأنه قلب الكون. وعند الشجرة وجدت حبيبها. ومع اثنان من أصدقائه. اقتربت منه. أعطته يدها. وانحنى عليها. عندما انغرس سيف في قلبه. لقد كان أخوها يختفي وراء إحدى الأشجار وقد سمع اتفاقهما على الهرب والزواج. ولم يكن العاشق يحمل سلاحا ولا صديقاه. ولكن أخاها قتل العاشق. وقتل صديقيه. وفي الليل دفنت ثلاث جثث. أما الفتاة فلأغمي عليها تماما. ولم تفق إلا في اليوم التالي. وعندما أفاقت صرخت. وعندما عرفت ماذا حدث بكت وفقدت وعيها مرة أخرى. لا بد أن أخاها قد توهم بفروسيته الزائفة أن هذا العمل العنيف سوف يرضي أباه. وسوف يجعله كبير عنده. وجاء الأب وعرفت الملكة إليزابيث وسكتت فهي لا تريد أن تصبغ بالدم هذه العلاقات بين الطوائف الدينية. قرر الأب أن يبعث ابنته إلى الخارج في رحلة نسيان. هو ينسى ولهلعا هي تنسى أيضا. مضت شهور ولكن الفتاة لم تنس. سافرت إلى فرنسا. وقيل أنها نسيت. وبعث الأب بقريبات لها يعرفن حالها. وعادت القريبات وقلن أنها توشك أن تنسى لكنها تريد أن ترى الشجرة وكل شيء سوف ينتهي بعد ذلك. وافق الأب. وطلب إلى أحد رجاله أن يرافق ابنته. جاءت الفتاة إلى بيتها. ثم ذهبت إلى الشجرة. وفي ساعة متأخرة من الليل سمع الأب دقا على الباب ونهض وزجاجة الخمر في يده وهو يترنح ويتساءل: هل انتهى كل شيء. يسمع من يقول له: كل شيء يا سيدي. يعود الأب يسأل: ولم يبق لها أي أثر؟ نعم يا سيدي. قتلتها؟ نعم. ودفنتها؟ نعم. ورآك أحد؟ لا أحد. متأكد؟ تماما. قتلت ابنتي بيديك. كما أمرتني. بيديك؟ بالسف. وصرخت؟ لم تصرخ؟ وكيف كانت عيناها؟ كانتا تنظران في سعادة؟ في سعادة؟ نعم. ولم تقل شيئا؟ ولا كلمة. ولا ذكرتني؟ أبدا. ولا حملتك رسالة على أحد؟ لا شيء من ذلك. ألم تنطق باسمي؟ أبدا. إنها قتلتني. إنها قتلتني. لم أقتلها. ولكنها قتلتني. ثم سقط الأ[ وراء الباب. وهو يقول: كيف قتلتها؟ راح الخادم يقول إنه أخذها إلى الشجرة. ولم تكد الفتاة ترى الشجرة حتى راحت تعانقها. وكأن الشجرة تحولت إلى قطعة من النار أو النور. وانفتحت كأنها باب في حائط مضيء. ثم ألقت بنفسها على الأرض. ولم يعرف إن كان هو الذي قتلها. أو كان معه سيف. أو أنه وجد السيف هناك. ولكن سقطت على الأرض ودمها ينزف. ثم دفنها في مكان بعيد. ولكن الأب لم يسمع من كل ذلك شيئا. أنه سقط مغشيا عليه. ولم يعد الناس يسمعون عن هذه الشجرة. مضت عشرات. مئات السنين. وفي سنة 1901 تحولت هذه المنطقة من انجلترا إلى حقول. ونزعت كل الأشجار. إلا هذه الشجرة. وسبب ذلك أن هذه الشجرة. قد أحيطت بعدد من الصخور. وكانت هذه الصخور على شكل كف. وهذه الشجرة تنبت في كف الحجر. وحولها أشجار أخرى تنبت في كف الحجر. وبقيت هذه الأشجار في مكانها والناس يتفرجون عليها. في أوت سنة 1901 جاء شابان إلى هذه المنطقة يرسمان بعض اللوحات. وجاء الليل ورأى الاثنان أوراق الشجر تتحول إلى قطعة من النور. ثم تتحول جذوع الأشجار إلى فتيان وفتيات يتعانقون في خفة ومرح وصمت. وبعد لحظات ينتهي كل شيء. في اليوم التالي جاء الشابان ومع واحد منهما سيف. وفي الساعة المحددة خرجت الأضواء من الأشجار. وعندما أمسك الشاب بالسيف في يده. لم يجد السيف. لقد طار وانغرس في قلوب العاشقين واحدا بعد واحد وتساقط العشاق على الأرض. وبقي السيف في مكانه. منذ ذلك اليوم لا يذهب أحد معه سلاح إلى هذه الأـشجار. إنها منطقة منزوعة السلاح. أو يجب أن تكون كذلك.
ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة |
السبت، 1 يناير 2011
و ينمو الشجر... في كف الحجر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق