ايدغار كايسي مواطن أمريكي ولد في القرن ما قبل الماضي و كان يتوفر على قدرات خارقة سمحت له بعلاج آلاف المرضى و كان يقدم تحت فعل التنويم المغناطيسي قراءات نفسية في غاية الدقة للحالات المرضية التي كانت تعرض عليه. الرجل كان يعالج الأمراض و لكنه كان أيضا يتحدث عن الحياة السابقة لمرضاه و كثيرا ما كانت أحداث ذلك الوجود السابق سببا في الأمراض النفسية أو الجسدية التي كان يعاني منها الأشخاص الذين يوضعون تحت يديه.
ايدغار كايسي يعترف به الوسط العلمي الحديث كأحد أكبر الوسطاء الروحيين في العصرين الماضي و الحالي. الرجل أزعج كثيرا عدة أوساط طبية في عهده بسبب القراءات المؤسسة علميا التي كان يقدمها كلما خضع الى عملية تنويم مغناطيسي ذاتية أي أنه كان يتوفر حتى على قدرة تنويم نفسه بنفسه.هو ذاته لم يكن يعرف ما الذي كان يقوم به كما لم يكن يفهم ما كان يقدمه من تحاليل لمرضاه أثناء عمليات التنويم. لقد كان يستخدم مصطلحات طبية لم يكن يفقه فيها شيئا و هو في وضعه العادي و مع ذلك فهو كلما نام مغناطيسيا يجد نفسه و كأنه ساحر يتوفر على مفاتيح لا حصر لها تسمح له بدخول كل فضاءات المعرفة و العلوم التي كان يجهل أغلبها ان لا نقول جلها بحيث أنه كان ينصح في بعض الأحيان بمزج بعض الأعشاب مثلا على الرغم من أنه لم يكن يعرف حتى أسماء تلك الأعشاب فما بالك بفوائدها الطبية.
و هو طفل صغير لا يتعدى سن السادسة كان يروي لوالديه تفاصيل الأحاديث التي كان يجريها في أحلامه مع جده و جدته الميتين كما عاش ايدغار كايسي حدثين غريبين سارع هو و والداه الى نسيانهما فهو كان تلميذا غير مجد على الاطلاق الى درجة أنه كان يرهق والده كلما حاول مساعدته على استيعاب الدروس التي كان يتلقنها في القسم الدراسي. لكن ذات مساء عجز ايدغار كليا عن تذكر أي شيء مما درسه في المدرسة في حصص ذلك اليوم ففلتت أعصاب والده الذي صفعه بقوة رهيبة و راح الى المطبخ لتهدئة نفسه. في تلك الأثناء وضع ايدغار رأسه بين يديه و نام فوق كتابه غير أن والده عاد مجددا و أيقضه من نومه بعنف طاردا إياه إلى غرفته . الطفل رد فجأة على أبيه و علامات السرور بادية على وجهه مؤكدا له بأنه أصبح يتذكر جيدا كل ما درسه و بأنه لم يكن يحتاج الا لبعض النوم و بالفعل فقد أثبت بالحجة و الدليل لوالديه بأنه لم يكن يعرف كل شيء عما درسه في ذلك اليوم بل كل ما كان في الكتباب من نصوص و رسوم و حتى أرقام الصفحات و كأن الطفل ايدغار اكتشف بأنه كان يكفيه أن يضع رأسه فوق كتبه و ينام بعض الوقت ليخزن كل ما في تلك الكتب من معلومات على نحو يمكنه من حفظها و اعادتها على ظهر القلب كما يقال في الحياة المدرسية. و في مرة أخرى بينما كان ايدغار واقفا في ساحة المدرسة تعرض الى ضربة كرة عنيفة في الظهر و عندما عاد في المساء الى البيت انتابه شعور غير عادي فنام مباشرة قبل أن يفقد وعيه كلية و يدخل في ما يشبه حالة غيبوبة. و هو في تلك الوضعية التي أقلقت والديه و جعلتهما يخشيان على حياته ، نطق ايدغار بصوت مرتفع مخاطبا أمه: " لقد تلقيت ضربة كرة عنيفة ...لكي أشفى ضعوا فوق رقبتي خليط من البصل و الذرى المسحوقة ". أمه سارعت الى تحقيق رغبته و في اليوم الموالي التحق ادغار بمدرسته بشكل عاد للغاية و في صحة جيدة و كأنه لم يتعرض الى أي أذى بدني. سنوات عديدة بعد ذلك و بالضبط في سنة 1900 كان ايدغار يعمل ممثلا تجاريا في مجال الوراقة في نفس الوقت الذي لم يكن يتردد فيه عن القيام بأعمال أخرى سعيا وراء شيئا من الدخل لمواجهة صعاب الحياة و بسبب الجهد الشاق الذي كان يؤديه بدون عائد مالي عادل شعر ذات يوم بارهاق شديد لا يبتعد عن المرض فتوجه الى أحد الأطباء رغبة منه في الحصول على دواء مهدىء لآلامه و لكن بمجرد تناوله لهذات الدواء فقد وعيه بشكل كامل و راح يدخل الى شوارع و يخرج من أخرى الى أن جلب انتباه الناس و هناك من أخذه من احدى محطات القطار لكن ايدغار بمجرد ما استيقظ حاول فتح فمه للتكلم و لكنه عجز عن اطلاق أي صوت من حنجرته. تم فحص حالته من قبل عدة أطباء و لكن بدون جدوى و ايدغار أصبح أبكما و كل أساتذة الطب الذين عاينوه اعتبروا حالته متعذرة العلاج.ذات يوم حدث أن احتظنت مدينته محاضرة حول التنويم المغناطيسي قدمه أستاذ جامعي جد معروف و بالمناسبة اكتشف هذا الأخير ادغار كايسي و تأثر بمرضه و اقترح علاجه من خلال حصة تنويم مغناطيسي تم اجراؤها في عيادة أحد الأطباء المحليين. كايسي نام بسهولة و راح يتكلم بصوت في غاية الوضوح و لكنه بمجرد استيقاضه من تنويمه فقد مجددا القدرة على النطق. من بين الأشخاص الذين حضروا تلك الحصة أحد أصدقاء كايسي يدعى آل لايان اعتبر بان الأول لم يستفد من العملية من منطلق أنه يتوفر على قدرة تنويم و علاج نفسه تلقائيا و من ثم اقترح آل لايان على صديقه إجراء محاولة ثانية و هذا ما قبل به كايسي حيث تمدد على سرير و بعد لحظات قصيرة نوم نفسه قبل أن يسأله الصديق: " ابحث في أعماق جسمك و صف لنا ما تراه غير طبيعي على مستوى حنجرتك..قل لنا ذلك بصوتك العادي؟ "...دقائق معدودات بعد ذلك بدأ ادغار كايسي يتحدث بصوت صاف و مسموع بكل وضوح: " نعم اننا نرى الجسم و نستنتج حدوث شلل جزئي في الحبال الصوتية نتيجة ضغط عصبي حاد. يجب تحفيز الجسم على تكثيف حركة الدم على مستوى المنطقة المصابة لمدة بضع دقائق ". آل ليان و رغم التردد الذي انتابه نفذ طلب كايسي و بعد لحظات قصيرة لاحظ باقي الأشخاص الحاضرين احمرارا في المحيط الخارجي للحنجرة و بعد دقيقتين أو ثلاث دقائق على أكبر تقدير نطق كايسي: " لقد عولج المرض . الآن أطلبوا من الدم العودة الى حركته العادية عبر سائر أجزاء الجسم و المريض بالاستيقاظ من نومه " .
عندما فتح كايسي عينيه شعر بسعادة يصعب وصفها بعدما سمع صوته و هو يتكلم مخاطبا الملتفين من حوله. بفعل المعجزة التي كان شاهدا عليها التمس آل لايان من صديقه مساعدته على الشفاء من مرض معدته الذي كان يعاني منه منذ سنوات طويلة و هذا ما لباه كايسي الذي أخضعه في اليوم الموالي لعملية تنويم مغناطيسي .في البداية حظر له الصديق المريض مجموعة من الأسئلة طلب منه أن يطرحها عليه و هو منوم لكن و بما أن ايدغار كايسي لم يكن يفقه شيئا في الطب أبدى آل ليان تعاونه معه و طلب منه هذه المرة أن يستعمل معه نفس الطريقة التي كان قد استعملها مع نفسه في اليوم السابق أي أن ادغار كايسي هو الذي ينوم نفسه و انطلاقا من وضعيته هذا يفحص مريضه (؟) و هذا ما ستحبه كايسي و بدأت الحصة و نوم هذا الأخير نفسه و تكلم آل ليان سائلا صديقه: " أمامكم الآن في هذه الغرفة جسم آلا ليان. افحصوه و حددوا أسباب مرضه و قدموا العلاج المناسب لها ".مباشرة نطق كايسي و راح يذكر أعراض المرض الذي كان يعذب الرجل المقابل له و يحدد وسائل و طرق علاجه. أسبوع كامل مر بعد تلك الحصة و بدأ القلق يتسلل الى كايسي نتيجة عدم ظهور بوادر شفاء صديقه المريض غير أن هذا الأخير لم يتأخر كثيرا و اتصل به ليخبره بأنه شفي نهائيا من مرضه." الكل راح يهنني على شفائي و يسألني عن السر في ذلك و يريد أن تفحصه. ما رأيك لو نفتح سويا عيادة نعالج فيها المرضى؟ " قال أل ليان لكايسي الذي أبدى تحفظا كبيرا ازاء فكرة العيادة لكنه لم ينجح في مقاومة إلحاح صديقه على هذا المشروع و قبل في نهاية المطاف لكن بشروط تتمثل في: عدم رؤيته للمريض و عدم معرفة اسمه قبل أن ينوم مغناطيسيا. ما لا يعد من المرضى راح يقصد يوميا تلك العيادة و الكل ظل يعود ليشكر آل ليان على العلاج الناجع وكلما شفي شخص من دائه الا و بعث بأشخاص آخرين الى تلك العيادة.آل ليان هو الذي كان يضبط المواعيد مع ايدغار كايسي و يصنع أو يجمع المستحضرات العلاجية التي كان ينصح بها صديقه خصوصا و أنه كان على قدر كبير من المعرفة بالنباتات و في المقابل كان كايسي يعيش في ضغط نفسي أخذ يزداد عليه من يوم لآخر لأنه كان يخشى اتهامه من قبل الأوساط المهنية الرسمية بممارسة الطب بطريقة غير شرعية هذا من جهة و من جهة ثانية ظل المسكين خائفا من أن يتسبب في حالة وفاة واحدة فيجد نفسه مجرورا أمام المحاكم بتهمة القتل و الحقيقة أنه قرر مرات عديدة التوقف نهائيا عن تلك الممارسة كان يفقد القدرة على الكلام مما يحتم عليه تنويم و معالجة نفسه من جديد و أيضا و خصوصا العودة الى معالجة المرضى الذين يقصدونه و الذين لم يكن يقبض منهم أي مال كان مع أن أفراد أسرته كانوا يعيشون أوضاعا اجتماعية مزرية فعلا. ذات يوم كانت امرأة مريضة منتظرة في العيادة و لكنها تأخرت كثيرا فبدأ آل ليان الحصة مع ايدغار دون أن يعلمه بأن المرأة المريضة لم تأتي بعد و مع ذلك قدم الطبيب الخارق كل أعراض مرضها بالتفصيل و حدد نوعية دواءها و مقاديره. بمجرد استيقاظ كايسي من تنويمه دقت المريضة جرس العيادة. آل ليان خشي أن يؤدي الدواء الذي قدمه صديقه إلى حدوث كارثة على اعتبار أن الشخص المريض لم يكن حاضرا لحظة إجراء الحصة و لكن الأيام التي أتت أثبتت له بأن قدرات كايسي أكبر بكثير مما كان يتصورها بحيث أنه جربه ذات مرة و هو منوم مغناطيسيا فسأله عما كان يفعلاه صديقان لهما كانا قد سافرا الى باريس فأفاده كايسي بعرض مفصل عن استعمال زمنهما هناك و حتى عن أسماء الأماكن التي توجها إليها و باللغة الفرنسية و هذا ما اتضحت صحته مائة بالمئة بعد استفسار الصديقين لدى عودتهما. كايسي غضب كثيرا حينما علم من صديقه ما فعله به هذا الأخير منتهزا فرصة نومه المغناطيسي.مع تقدم الوقت اعتاد ايدغار كايسي اجراء فحوص عن بعد للمرضى الذي حدث لبعضهم أنهم كانوا متواجدين في مدن أخرى. ابتداء من سنة 1924 اضطر ايدغار كايسي الى مطالبة مرضاه بدفع ثمن أتعابه و شجعه عدد من أصدقائه على فتح مستشفى خاص به و توظيف أطباء متكونين و قادرين على اعداد و تحضير الأدوية التي يشير اليها و كذا السهر على مراحل علاج بعض الأمراض التي تتطلب نوعا من المتابعة و بعد اصطدامه بمشكلة التمويل لانجاز مشروعه فتح مستشفى ايدغار كايسي أبوابه في مدينة فرجينيا بياش ، بفضل رجل أعمال نيويركي قبل أن يستقر في نفس السنة ( أي 1924 ) هو و أفراد أسرته في المدينة المذكورة التي تتواجد فيها الى يومنا هذه " مؤسسة ايدغار كايسي للأبحاث العلمية ". ذات يوم سئل ايدغار كايسي عن سبب استعماله الدائم لكلمة " قراءات " فأجابهم بكل غرابة بأنه سيبحث عن اجابة لهذا السؤال في مكتبة معينة تحتفظ بكل معارف هذا العالم منذ خلقه و قد كشف مرات عديدة عما يراه و هو منوم مغناطيسيا حيث كان يقول: " أصل إلى مبنى كبير ثم إلى قاعة أرشيف أين تمنحني دائما يد معينة كتابا أجده مفتوحا في الصفحة المتضمنة للموضوع الذي أبحث عنه فأقرأ ما في هذه الصفحة " ( نعم هكذا ببساطة ). في سنة 1923 استقبل المسمى لامارس ليس لأسباب تتعلق بالصحة و إنما لأن الرجل المذكور كان منشغلا ببعض التساؤلات و الألغاز المتعلقة بالفلك و الخيمياء... و كان يهمه أن يعرف رأي ايدغار كايسي فيها فأجابه هذا الأخير بأنه لا يعرف عنها أي شيء. الضيف تكرم بمبلغ كبير على كايسي مترجيا إياه أن يخصص حصة بغية العثور على أجوبة على كل تلك المسائل فوافق ايدغار كايسي و تم استحضار كاتب لتسجيل المعلومات بطريقة الستينوغرافيا السريعة ( بفضل تلك المعلومات المكتوبة بالستينوغرافيا سيصبح كايسي مشهورا عبر العالم )... لامارس اقترح أن تكون بداية العمل بالبحث عن أسئلة الفلك لكن ايدغار لم يكن متحمسا كثيرا لهذا الموضوع لأنه لم يكن يفقه أي شيء فيه و مع ذلك فهو بمجرد تنويم نفسه مغناطيسيا أثار دهشة الرجل الذي قصده و حينما استيقظ أخبره لامارس بأنه و هو نائم أشار الى حياة سابقة عاشها من قبل في أزمنة أخرى و هذا ما أثار استغرابه فطلب من كاتب الستينوغرافيا أن يطلعه على تفاصيل ما تفوه به و هو منوم مغناطيسيا و في ما يلي ما قاله حرفيا بينما كان منوما: " هذا ظهوره الثالث في هذا البعد. كن راهبا من قبل " كايسي بقي مشدوها لأنها كانت المرة الأولى التي يتطرق فيها الى فكرة التأنس الجديد أو الحياة المتجددة لكن اثر ذلك ظل كايسي يردد كثيرا و هو منوم مغناطيسيا عبارات غريبة من شاكلة " البعد الأرضي "، " البعد المادي " أو " البعد الحالي "هذا البعد الأخير للدلالة على الأرض و مع تتالي الأيام أستمر في تقديم أجوبة تتعلق بالفلك، الرقماتية ، علم الألوان، قدرة النباتات على الشفاء ...و أيضا على تأثر سلوكات الأشخاص في حياتهم الحاضرة بتلك التي طبعت سلوكات ماضيهم في حياتهم السابقة و كل تلك المعلومات التي كان يكشف عنها تم تدوينها من قبل سكرتيرته في شكل تقارير، بغرض حفظها و تركها كتراث معرفي لمؤسسة " كايسي " و هي ( أي التقارير )مصنفة في مكتبة تضم 14306 "قراءة " ( كما يسميها كايسي ) و تستعمل اليوم كمراجع قيمة لدراسات و أبحاث علماء من مختلف أنحاء العالم. المؤسسة المذكورة لم تكن تضم الا بضعة أشخاص الى غاية 1945 سنة وفاة كايسي و اليوم هي منظمة علمية دولية بالمفهوم المهيب للكلمة كل سنة يكتشف آلاف الأشخاص حياة و أعمال رجل كباقي الرجال فهو زوج لطيف و أب حنون لطفلين و كسائر البشر لديه هوايات هو كذلك حيث يفضل ممارسة التصوير الفوتوغرافي و الاعتناء بحديقة بيته و لكن ما يجعله أكثر من مجرد رجل قدراته الخارقة التي لا يمنحها الله الى كل مخلوقاته. من بين " القراءات " الأولى التي قام بها ايدغار كايسي واحدة تتعلق بطفلة في الخامسة من عمرها اسمها آم دياتريش كانت قد أصيبت بمرض خطير و عمرها لم يتعدى الثلاث سنوات بحيث أنها عقب تعرضها الى حالة زكام متقدمة ( في ذلك الوقت ) توقف مخها عن النمو مما انعكس في شكل تشنجات مستمرة لبدنها النحيف و رغم العدد الكبير من الأطباء الذين فحصوها بقيت الطفل فاقدة لوعيها تقريبا بل قل أنها كانت مجرد جسد بدون عقل تقريبا. ايدغار كايسي نوم نفسه مغناطيسيا و راح يملي على صديقه لايان ما اكتشفه من أعراض حيث قال بأن سبب مرض الصغيرة دياتريش يعود الى ما قبل اصابتها بالزكام وأنه راجع الى صدمة عنيفة تعرض اليها عمودها الفقري حال وقوعها ذات يوم من عربة حصان و هي الحادثة التي أكدتها أم البنت بعد ذلك( مع أن كايسي كما هو معلوم لم يكن يعرف أي شيء عن مرضاه بما في ذلك أسماءهم) ثم طلب من صديقه لايان بأن يقوم بمعالجة العمود الفقري للطفلة بيده و هو الشيء الذي نفذه لايان لكن حال تنويم كايسي لنفسه مرة ثانية بغرض متابعة الحالة الصحية لمريضته ( التي لم يكن يعرف أي شيء عنها كالعادة ) أعطى تعليمات جديدة لصديقه لايان باعادة محاولة معالجة البنت و مفيد اياه بأن المحاولة الأولى فاشلة و هذا ما طبقه لايان مرة أخرى و أخرى الى أن رضي كايسي. أيام قليلة بعد ذلك تمكنت الطفلة آم من دعوة دميتها بالاسم الذي تعودت دعوتها به قبل أن تقع مريضة و مدة قصيرة من بعد تعرفت على أمها و أبيها و استعادت ذاكرتها تدريجيا و استأنفت حياتها بشكل طبيعي في ظرف أقل من ثلاثة شهور. قدرات كايسي اتضحت أكبر بكثير مما كان يتصورها هو بنفسه اذ اكتشف فجأة بأن مجرد اسم الشخص المريض و مكان تواجده بالضبط ( عنوانه ) كافيان ليمكناه من فحصه عن بعد و تحديد أعراض مرضه و تقديم الدواء الأمثل لعلاجه و في كل مرة يستيقظ فيها من تنويمه المغناطيسي أو يعلم فيها بشفاء أحد المرضى الذين فحصهم كان يحمد الله.
في يوم 17 جوان 1903 و بعد خطوبة تجاوزت مدتها الست سنوات احتفل ايدغار كايسي و جارترود أيفانس بزفافهما و بفضل الاستقرار و الطمأنينة اللتين وفرتهما له زوجته استطاع أن يِؤسس أستوديو للتصوير الفوتوغرافي رفقة شريك آخر لكن بعد تسعة شهور فقط من فتحة تعرض الأستوديو الى حريق أتى عليه كاملا و على الرغم من أن شريكه فضل الانسحاب الا أن كايسي قاوم ذلك الظرف الصعب و أعاد فتح محله أسبوعين فقط بعد الواقعة. في يوم 16 مارس 1907 ولد ابنه الأول. أحد ألمع أطباء تلك الحقبة الزمنية و اسمه كاتشوم اختبر القدرات الخارقة لكايسي من خلال " تحديه " بنوع من الاستخفاف في حالة مرض كان يعاني منه في أحشائه الداخلية و عكس أفكار ذلك الطبيب المسبقة عن الرجل جاء الشفاء الميئوس منه ليضعه في موقف حرج و جعله ك"طبيب...كدكتور متخرج من أكبر الجامعات و معاهد الطب " يستعين بكايسي في الحالات التي تستعصي عليه.في سنة 1910 وجه الدكتور كاتشوم تقريرا الى " المؤسسة الأمريكية للأبحاث الكلينيكية " يصف فيه ايدغار كايسي بالعبقري في مجال الطب و نتيجة لهذا التقرير نشرت صحيفة " نيويورك تايمز " بتاريخ 9 أكتوبر من نفس السنة، موضوعا تحت عنوان " رجل أمي يصبح طبيبا تحت فعل التنويم المغناطيسي" و منذ صدور ذلك الموضوع الصحفي تهاطلت طلبات المرضى لأجل الاستفادة من " قراءات " كايسي الذي أسس مباشرة رفقة الدكتور واسلاي كاتشوم، لاسلاي كايسي و ألبيرت نووا ( رجل ثلاي يملك العديد من الفنادق ) " مؤسسة القراءات النفسية " قبل أن يعود كايسي الى مدينة " هوبكينسفيل " التي كان غادرها حيث أعاد فتح أستوديو للتصوير الفوتوغرافي أسماه " أستوديو كايسي الفني " الذي كان بمجرد مغادرته يتوجه مباشرة للقيام بقراءات تنويمية مغناطيسية للمرضى " مع أنه كان يستهلك سعادته عندما يكون في أستوديو الفوتوغرافيا و هذا ما جعله يقرر عام واحد بعد ذلك التخلي عن ممارسته الطبية المتميزة لكنه سرعان ما وجد نفسه عاجزا عن تحقيق رغبته حيث أصيب مقاول كبير اسمه جورج دلتون بكسر خطير في إحدى ركبتيه جعله يعجز عن استعمال قدميه للمشي. هذا الرجل الثري قصد الدكتور كاتشوم بغرض معالجته لكنه لم يتمكن من ذلك ففضل اللجوء الى ايدغار كايسي الذي بعد ادخال نفسه في حالو تنويم مغناطيسي أمر بتوطيد الداغصة بمسامير. في ذلك الوقت كانت هذه الطريقة مجهولة تماما و مع ذلك كانت للدكتور كاتشوم ثقة كبيرة في قدرات كايسي و لم يتردد لحظة واحدة عن القيام بالعملية الجراحية على دلتون الذي تمكن من استعادة قدرته على المشي خلال بضعة شهور فقط و كأنه لم يتعرض الى أي حادث. كايسي و زوجته أنجب طفلا ثانيا في شهر مارس من عام 1911 أسمياه ميلتون بورتار و أيام قليلة بعد ولادته أصيب الرضيع بسعال تشنجي تطور بخطورة الى درجة أنه أصبح يهدد حياته في الوقت الذي وقف فيه الأطباء عاجزون أمام حالته فقام كايسي ب"قراءة " لابنه و لكنه خلص الى أن الداء استفحل في جسم طفله و أنه لا مجال لفعل أي شيء بغرض انقاذ حياته. الطفل توفي قبل أن يتعدى عمره الشهرين مما جعل كايسي و زوجته يصابان بارهاق عصبي حاد نتيجة لضميرالأول الذي ظل يؤنبه على تأخره في القيام بقراءة لابنه و بكاء الثانية على رحيل فلذة كبدها الى أن مرضت و التزمت الفراش ...و في صيف ذات السنة كشف الأطباء لايدغار بأن الحالة الصحية لزوجته تدهورت بشكل فضيع اثر اصابتها بالسل و دون أن يعلم زوجها بالحقيقة المرة كان كل الأطباء الذين فحصوها قد أجمعوا على موتها الذي لم يبق مجالا للفرار منه الا أن ايدغار بادر بالقيام بقراءة لقرينته و استنتج ضرورة استهلاكها لبعض المستحضرات المصنوعة من بعض الأعشاب .
الأطباء الذين عاينوا حالة المريضة قالوا لكايسي بأن تلك المستحضرات لن تجدي نفعا عدا الدكتور كاتشوم الذي صادق على الفكرة و ساهم في تحضير الدواء الذي استهلكته السيدة جارترود كايسي و انخفضت درجة حرارة جسمها بشكل محسوس في ظرف يومين فقط قبل أن تتحسن وضعيتها في شهر نوفمبر و في شهر جانفي من عام 1912 شفيت المرأة من مرضها نهائيا على نحو فاجأ الأطباء و أدهشهم. في نفس هذه السنة تنقل مندوب عن جامعة "هارفرد " و هو الدكتور هوغو مانستاربارغ الى مدينة هوبكينسفيل لا لشيء الا للوقوف على الموهبة الخارقة التي يتوفر عليها ايدغار كايسي. نية هذا الرجل كانت أن يثبت للعالم بأن كايسي لم يكن سوى مشعوذا لا أكثر و لا أقل و لكنه عاد و هو مقتنعا تماما بشرعية و فعالية قراءاته و أكثر من هذا فهو شجعه على إعطاء دفع أقوى لممارسته الطبية الخارقة للعادة. كايسي أقدم بعد ذلك على الغاء شراكته مع الدكتورين كاتشوم و نووا و توجه للعمل كمصور فوتوغرافي بمدينة ألباما و في السنة الموالية تمكن من شراء أستوديو لفن الفوتوغرافيا و استقدم زوجته و ابنه بنية مباشرة حياة عادية متواضعة بعيدة عن زيف الشهرة و آثارها المختلفة و هي الحياة التي أخذ يستمتع بها و لكنها للأسف لم تدم طويلا حيث حدث أن أحرق ابنه عينيه بمسحوق المانيزيوم المستعمل في فلاشات آلات التصوير التقليدية القديمة و نظرا لخطورة ما تعرض له الطفل قدر الأطباء ضرورة اقتلاع احدى عينيه. كايسي وجد نفسه حيال هذه الوضعية مجبرا على إجراء قراءة ذهنية لفائدة ابنه الوحيد و في هذه القراءة طمأن ابنه و نصح بضرورة وضعه في غرفة مظلمة لمدة أسبوعين تظل عيناه خلالهما مغطاتين بكمادتين مبللتين بسائل دوائي معين و هذا ما لم يعف الصغير هوغ لين من عملية جراحية فحسب بل سمح له أيضا باستعادة قدرته على النظر بشكل طبيعي كما كان من قبل. كل الصحف المحلية تطرقت الى هذه الواقعة على نحو أعاد الشهرة الى كايسي من جديد و فرض عليه تقديم قراءات مستمرة للمرضى من الناس الذين يقصدونه. في 9 فيفري من سنة 1918 أنجبت زوجته طفلا جديدا أسماه كايسي، ايدغار ايفان. كايسي واصل قراءاته و عدد المرضى كثر عليه و أدى الى بروز مشكلة عويصة تتمثل في عدم عثور هؤلاء الأخيرين على أطباء يقبلون بتطبيق التعليمات التي كان يقدمها كايسي و هو في حالة تنويم مغناطيسي مع أنه حلل أمراض لم يكن يعرف عنها أي شيء و لا سمع حتى عن أسمائها من قبل فأخذ يراوده حلم في فتح مستشفى يعمل به أطباء و أعوان مختصون ينفذون تعليماته التي يوصي بها في كل مرة. هذا الحلم تحقق بفضل رجل كان يبحث عن البترول في منطقة تكساس الأمريكية قبل بأن يشاطره المغامرة ماليا بعدما كان كايسي قد قبل بمساعدة ذلك الرجل على تحديد مواقع تواجد البترول في المنطقة الأمريكية المذكورة و هي المهمة الاستعلامية الخارقة التي نجح فيها ايدغار كايسي و مع ذلك فهو لم ينجح في مواصلة العمل في ذلك المستشفى الذي غادره بعد أربع سنوات فقط من العمل فيه بسبب اختلاف في الرؤى بينه و بين شريكه الذي لم يكن يهمه سوى الكسب السريع فعاد الى مدينة ألباما للعيش رفقة زوجته و طفليه و في شهر سبتمبر من عام 1923 وظف سكرتيرة اسمها غلاديس دايفس بغرض تدوين محتويات كل القراءات التي أصبح يقوم بها رفقة زوجته جارترود ( أي أن هذه الأخيرة هي التي أصبحت توجه له الأسئلة و هو منوم مغناطيسيا ) علما بأن كل قراءاته ظلت الى غاية ذلك الوقت مقتصرة على عالم الطب. من بين الذين آمنوا بقدرات كايسي الخارقة الكاتب توماس سوغرو الذي ألف عام 1943 كتابا حول سيرة الرجل بعنوان " انه نهر " و هو نفس الشيء تقريبا الذي أكدته المجلة الشعبية جدا آنذاك " كورونا " التي كرست له روبورتاجا بعنوان " الابن الضال لفرجينيا باش " و هو العمل الصحفي الذي زاد من شهرة ايدغار كايسي.أثناء نشوب الحرب العالمية الثانية كان ايدغار كايسي يستقبل يوميا أكياسا ثقيلة من الرسائل التي كانت تتضمن كلها التماسات بغرض القيام بقراءات مختلفة لصالح أصحابها و حتى يلبي رغبة أكبر عدد ممكن من هؤلاء الأشخاص المعذبين بطريقة أو بأخرى وجد نفسه مضطرا الى القيام بأكثر من ستة قراءات في اليوم الواحد رغم علمه المسبق بالخطر الذي يحدق بصحته العقلية و النفسية و البدنية اذا ما قام بأكثر من قراءتين فقط في كل 24 ساعة و على الرغم من تضحيته بصحته كان لا بد لكل شخص يرغب في الاستفادة من قراءاته أن ينتظر دوره بعد مدة لا تقل عن سنتين. في ربيع عام 1944 بدأ ايدغار كايسي يفقد قواه تدريجيا و أوحت له قراءاته الخاصة بحالته بضرورة إراحة نفسه و مع ذلك فهو فضل مواصلة تقديم مساعداته لأولئك الذين كانوا في حاجة إليه، الشيء الذي أوقعه في دائرة العجز عن القيام بأي عمل ذهني تقريبا.أول قراءة كان قد قام بها لصالح نفسه تمت في سنة 1901 و آخرها في سبتمبر من عام 1944 و هي التي تلقى فيها انذارا أخيرا بضرورة التوقف عن تلك الممارسة و دائما أثناء تقديمه لهذه القراءة بخصوص حالته و هو منوم مغناطيسيا، سألته زوجته جيرترود: " و الى متى يجب التوقف عن القيام بهذا العمل الذهني؟ " جاء رده كالتالي: " الى أن يشفى أو يموت "...في نفس شهر تلك القراءة تعرض ايدغار كايسي الى أزمة دماغية أدت الى شل جسمه جزئيا و ما أن اقتربت نهاية السنة حتى خشي أصدقاؤه موته و لكنه كان يرد على قاقهم بالقول بأنه سيشفى مباشرة بعد حلول العام الجديد و هذا ما فسره المقربون منه على أنه يعني موته في ذلك الموعد و هذا ما حدث فعلا اذ توفي يوم 3 جانفي 1945.
في نفس تلك الفترة لا أحد لاحظ بأن زوجته جريترود كانت مريضة لأن قوة شخصيتها كانت تدفع بها الى اخفاء آلامها الجسدية و الروحية خصوصا بعد مرض زوجها و موته. جيرترود توفيت ثلاثة شهور بعد رحيل كايسي. في انتظار عودة ابنيه من الحرب قامت السكرتيرة غلاديس دايفس بأرشفة قراءاته المدونة و ترتيبها و تصنيفها و صياغتها في شكل كاتالوغ و هو العمل المضني الذي لم تنهه الا في عام 1971 أي حوالي ربع قرن كامل بعدما باشرته و قد سمح لها هذا المجهود بتقدير أهمية ما كان يقوم بها الرجل، أفضل من أي شخص آخر كان قد عرفه أو تعامل معه بحيث أنها رتبت ما لا يقل عن عشرة آلاف حالة أجاب عنها كايسي بالتفصيل و بقيت هذه المرأة في خدمة كل المنظمات المهتمة بطريقة كايسي الاشفائية الى غاية وفاتها سنة 1986 عن عمر يناهز الواحد و الثمانين سنة.أما ابنه هوغ لين كايسي فقام هو الآخر بعمل مماثل و لدى وفاته سنة 1982 كان عدد المنخرطين في جمعية ايدغار كايسي للأبحاث العلمية قد ارتفع من بضع مئات الى عشرات آلاف الأشخاص.
جمال الدين حريز
ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة ظواهر غريبة أرواح أشباح ما وراء الطبيعة |
السبت، 8 يناير 2011
حالة ايدغار كايسي أو العبقرية من عند الله عز و جل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق