إن أهالي الجني المعتدى عليه أو المقتول من قبل الإنسي قد يحاكمون الإنسي إذا قتل أخاهم أو قريبهم أو أضر أحدهم ولم يذكر اسم الله عليه فإذا تحاكموا عند قضاتهم المسلمين وكان الجني هو المتسلط المعتدي والإنسي عالجه بالرقية وذكر اسم الله أو بأية علاج يخرج به، فإنهم يحكمون ببراءة الإنسي ويهدرون دم الجني لاعتدائه وظلمه على حد تأكيد بعض العارفين بعالم الجن من رجال الدين.
معتقدات و عادات للتقرب من الجان و تفادي أذاه
كيف ولماذا إذن، يعتدي الجان على الناس؟ وكيف يمكن للإنسان أن يتفادى أذاهم؟ بحسب الاعتقاد الشائع، فان اعتداء الجان يكون في واحدة من حالات ثلاث: أن يكون الجني من صنف الجان المسمى «النواقم» أي الكفرة المتمردين، فيأتي اعتداؤه مجانيا على بني البشر، و في غياب أي سبب . أو قد يكون الجني " مسخرا" لإلحاق الأذى بواسطة ما يسمى " جدول" يصنعه الفقيه الساحر بناء على طلب من طرف جهة ماّ ويتم دفنه ( أي الجدول السحري) في ركن مجهول من مقبرة مهجورة التي غالبا ما يسميها السحرة الذين يدعون تسخير الجان (الروضة المنسية). وبحسب ادعاء السحرة، فان هذا النوع من العمل السحري المؤذي يعتبر أخطر ما يمكن أن يلحق الإنسان نظرا لصعوبة التعرف على مكان دفن الجدول، وبالتالي استخراجه منه وإبطال مفعوله. وثالث حالات الاعتداء، هي التي تأتي كرد فعل انتقامي من الجان على أذى لحقهم (عن قصد أو بغير قصد) من طرف إنسان. ويعتقد كثير من سكان المغرب أن أمراض الصرع وفقدان الذاكرة وانفصام الشخصية وشلل العصب الوجهي (اللقوة)، والثقاف، والتجرية (إلحاق نزيف حاد بامرأة خلال فترة العادة الشهرية)، والتمريض (إصابة شخص بمرض)، و" التعريض " (أي إفشال عمل أو مشروع يقوم به عدو أو غريم بأعمال السحر)، وغيرها من الأمراض كلها من أعمال الجان الشريرة. وقد بلغ الاعتقاد في مسؤولية الجان عن كل ما يصيب البشر من الأمراض إلى درجة أن المغاربة يطلقون على أمراض أسماء الجان. ومن العادات القديمة التي اشتهرت في المغرب والتي لا تزال تمارس على نحو واسع حتى اليوم؛ أن يقدم شخص قربانا عند بداية أو نهاية الأشغال لتشييد منزله أو بناية مقاولته. ويؤكل لحم القربان، الذي يكون إما خروفاً أو دجاجاً بحسب الإمكانيات المالية، من طرف صاحب البيت وعمال البناء، بعد طهيه. ويُعتقد أن الجان تتغذى بدماء القربان التي سالت في المجاري, وبهذا المعنى يكون القربان وجبة يشترك في تناولها الإنس والجن, وفي تقاليد المغاربة أن مشاركة أحد في تناول الطعام تعني خلق أواصر مودة وتقارب معه, ومنه نفهم ـ ربما ـ أن «قربان البناء» هذا إنما يهدف إلى خلق مودة بين صاحب البيت والجن الذي سيسكنه. وقد ذهب الكثير من علماء الاثنوغرافيا إلى القول بأن هذا النوع من القرابين إنما يروم خلق جني، من روح القربان التي أُزهقت بعد الذبح حتى يتكلف بحماية البيت المبني,فيصبح البناء - بحسب هذا التصور- «مسكونا» من طرف جني يحميه! ومن العادات الأخرى الشائعة، أن يقدم الداخل الجديد على بيت بهدف الإقامة به، بعض الهدايا توددا للجن الذي يسكنه, وتندرج هذه الطقوس ضمن ما يعرف عندنا بـ " طلب التسليم" أي إظهار الخضوع للقوى الخفية التي " تسكن المكان " وتختلف قيمة ونوع القربان المقدم في هذه الحالة اختلافا كبيرا بحسب الوضع الاجتماعي للمقيم الجديد وبحسب المناطق, فقد يذبح كبشا أو دجاجا، ليريق دمه في المجاري أو يفرغ فيها كيس ملح صغير أو مواد غذائية سائلة أخرى، تفرغ في نفس المكان كالزيت أو الحليب وغيرها. |
الاثنين، 27 ديسمبر 2010
محاكمة الجني للإنسي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق