انتقام أم لم تلد بعد. بعد حديث طويل للرجل مع الفتاة، قالت له:" لقد قتلني أحدهم منذ ساعات، وأخذته من يده بيدها إلى قبرها. كانت ليلة ممطرة شديدة البرودة مثيرة للرعب، وكانت السحب الداكنة المحملة بالمزيد من الأمطار تملأ السماء، بينما كان جيمس جريمي طحان بلدة دورهام عائدا إلى منزله من نفس الطريق الذي يقطعه مرتين يوميا، في الذهاب والعودة. وفي نهاية كل أسبوع كان يتساءل لماذا يسكن بعيدا عن مطحنه بمسافة ميل، ثم يعود ويقول لنفسه:" إنه لا داعي لترديد هذا السؤال فزوجته هي السبب فهي التي اعترضت على المعيشة في منزل فوق المطحنة أو في بيت صغير ملحق بها، كما يفعل باقي الطحانين الذين يحسنون التفكير واللذين ليست لهم تطلعات اجتماعية". ففي ليلة مثل هذه الليلة المطيرة سيصل جريمي إلى بيته وقد جمدت عظامه، واخترق البرد الشديد كل جزء من جسمه، وقال الرجل لنفسه:" إنه لسوف يسعد زوجتي أن أموت بسبب رفضها السكن فوق معمل الطحين". وتذكر بيته وفراشه الدافئ، إنه سيكون هناك خلال نصف ساعة لو كان محظوظا، وملأه شعور بالشفقة على نفسه وهو يرى ملابسه قد امتلأت بالمياه، وبدأ يتخيل نفسه على فراش الموت، وزوجته تبكي وتولول وهي تقول:" إنها غلطتي، لو لم أكن أنانية وأطلب منزلا بعيدا عن المطحن، جيمس سامحني، واغفر لي". وأخذ يتخيل صورة وجه زوجته الباكية، بينما كشف ضوء البرق عن وجه آخر لامرأة، لكنها ليست زوجته، وبدا يدقق في الوجه الماثل أمامه في الظلام، ثم قال:" آني، ، إنك آني جرينوود، أليس كذلك؟" وشعر بيد الفتاة فوق خده، إن يدها ـ ويالصدمته ـ مبتلة بالدماء وليس بماء المطر ، إن رداء الفتاة ممزق وملئ بالدماء، وشعرها ممبتل بالمطر، والدم والطين. " نعم يا جيمس جريمي، إنه أنا، أنا آني جرينوود". " ولكن ماذا حدث لك بحق الله؟" " هذا هو ما سعيت إليك لأقول يا جيمس جريمي". " ولكن لماذا لا تسرعين الخطو، وتتحملين كل هذه الجروح وتبحثين عني فقط، إن هناك العديد من الأكواخ كان يمكنك الذهاب إليها طلبا للعلاج". " إنني أحتاج إليك يا جيمس جريمي". وقعت هذه الكلمات على نفس الطحان فأثرت في كل مشاعره، وقال لها:" لا تنطقي كلمة أخرى، حتى آخذك إلى البيت حيث سأقوم وزوجتي الطيبة بتضميد جراحك، وعندها يمكنك أن تقولي لنا عما حدث لك، ولس قبل الآن". " لا، لا ياجيمس جريمي". وظلت الفتاة مكانها وكأنها مزروعة في الأرض، وحاول جريمي أن يجذبها من ذراعها خلال المطر، ولكنها لم تتحرك إن قوة غير عادية تمسك بها في هذا المكان، فقال جريمي:" بحق الله هيا بسرعة يا فتاتي إنك ستموتين لو لم تسرعي بالذهاب معي، إنني لم أر أحدا يستحق المساعدة أكثر منك في هذه اللحظة". ردت قائلة:" أنظر، يا جيمس جريمي، أنظر فقط وسوف ترى سبب عدم قدرتي على المجيء". وبدا الأمر وكأن أمرا قد صدر للبرق في هذه اللحظة لكي يضيء الغابة كلها لمدة 5 ثوان أو أكثر. ويا للهول ما رأى. فبينما نظر إليها وجدها تسند رأسها على جدار، وكأنها تنظر إلى السماء، وقد قطع عنقها تماما حتى إنها لو لم تستند به على شيء لسقط رأسها على الأرض، وصرخ جريمي صرخة رددت السماء صداها وكأن الذئاب تجري خلفه. عاد الظلام مرة أخرى، وكان صوتها هادئا:" أترى الآن لماذا لا أستطيع أن أحضر معك، ولماذا لا يمكنك أنت وزوجتك الطيبة أن توقفا موتي". تلعثم الرجل ولم يقل شيئا، حاول أن يصرخ مرة أخرى ولكنه لم يستطع. وقالت:" إنني لا أستطيع الحضور، ولن أحضر إليكم، ليس هناك إنسان يمكنه أن يمنع موتي لأنني ميتة بالفعل، ميتة يا جيمس جريمي، وكما ترى لقد قتلت". " مقتولة؟ ولكن كيف تقفين هنا الآن، إذا كنت ميتة؟" وأدار جيرمي رأسه وهو يقول:" ربما كان ما نحن فيه حلما مزعجا سأستيقظ منه غدا وأجري إلى بيتك لأجدك بخير، وجميلة كما كنت دائما، سأفعل ذلك يا عزيزتي آني، سأفعل". قالت:" لن تفعل، والآن استمع إلي فوقتي قصير، إنني لست هنا، لست بكياني المادي، لأنني مت منذ عدة ساعات وجثتي موجودة في المكان الذي سأطلعك عليه الآن، وعليك أن تستمع بكل هدوء واهتمام". ضاع الشعور بالبرد والمطر الآن، وبدأ جيمس جريمي يستمع في رعب:" إن هؤلاء الذين قتلوني يجب أن يقدموا للمحكمة وهم جون شارب وجيمس واكر، وقبل أن يمر الوقت وأختفي مثل نجم عندما تشرق الشمس، سأقول لك لماذا؟ وكيف؟ وأين؟ وعليك أن تتذكر كل شيء". وهز جريمي رأسه علامة الإيجاب، وبدأت هي تقص الحكاية. " كنت حاملا في طفل من جيمس واكر الذي اغتصبني منذ ثلاثة شهور وبالتحديد يوم 2 ديسمبر عام 1680، حتى إنني كنت أوافق على كل ما يقوله لي، لن أقول لك كيف أو لماذا نجح فيما فعله، ولكنه وضع البذرة، وأصبحت أنا الملامة، ولكن عندما قلت له إنني حامل في طفله، أنكر كل شيء بيننا، واتهمني بأنني فتاة كاذبة شريرة، وحذرني من التفوه بكلمة واحدة لأي إنسان، وقال إنني لو أقسمت على الكتاب المقدس فإنه سوف ينكر كل شيء ويقتلني، إنه سوف يقتلني على أية حال كما قال، قبل أن أتفوه بكلمة، وبالطبع لم يكن ممكنا أن أعد بألا أخبر أحدا، ذلك لأن الطفل، طفلي أيضا، يحتاج إلى أب، ولأنه كان جبانا، وربما لأنه لا يزال يحمل بعض المشاعر تجاهي دفع لشخص آخر لكي يقتلني هو جون شارب.". قال جريمي:" جون شارب هذا المخادع الفاسق". واستطردت هي تقول:" لقد قتلني اليوم بعد الظهر بقليل، وقبل أن تهب هذه العاصفة، كان الجو باردا، وخرجت إلى الغابة أجمع بعض الحطب عندما ظهر لي من وراء الأشجار وشهر سكينا كبيرا في وجهي وجذبني بيده اليسرى من كتفي وطلب مني ألا أتفوه بكلمة، ثم قطع عنقي بالسكين، وعندما انطلقت الدماء بدأ يصبغ يديه وإناء في يده بلون أحمر مثل لون الدم". كان جيمس جريمي يستمع في خوف، واستطردت هي:" والآن جيمس جريمي، اسمع بحرص، حملني إلى مكان سأريك إياه، وهنا قام بدفني حيث أرقد الآن، هيا تعال". وأخيرا تمكنت من الحركة، وأخذت جريمي من يده التي كانت ترتعش في يدها المبتلة بالدم، وعندما وصلا إلى المكان المقصود وبجوار شجرة للسنديان ضخمة قالت له:" والآن عد الخطوات". كانت تتحدث بصوت أقرب إلى صوت الشبح، وصوت واهن جدا لآني جرينوود:" 1، 2،3، 4، 5، 6، 7، 8، 9، 10، 11 هنا القبر". في البداية لم ير جريمي شيئا، ثم أبرقت السماء قليلا فرأى قبرا نظيفا مرتبا، ثم أمرته بعد الخطوات مرة أخرى، ثم اختفت، وصرخ جريمي:" أين أنت يا آني؟" ووصله صوت واهن حزين من الظلام:" لقد ذهبت، ربما للأبد، إلى الحياة الأخرى الأبدية، ولكن يا جيمس إذا لم يشنق قاتلاي على جريمتهما،سأظل شبحا إلى الأبد". وساد الصمت لبرهة، ثم استمر الصوت يقول:" ولكن يا جيمس إذا لم يعاقب الذين قتلوني، فإنني سأكون شبحا يسكنك حتى تموت، سأظل ألاحقك بنفس شكلي الذي رأيته اليوم، حتى نهاية العمر، ولكن إذا شنق قاتلاي فإن الرب سوف يباركك يا جيمس جريمي". ثم اختفى الصوت، وأخذ جيمس يعدو في مسافة النصف ميل الباقية على منزله، حيث قابلته زوجته الغبية على الباب، قائلة:" بحق السماء يا رجل هل كنت في نزهة في الطين، ألم يكن ممكنا أن تلجأ إلى أي مكان حتى تهدأ العاصفة". لم يعلق جيمس على ما قالت زوجته، وقال لها:" اذهبي إلى مدفأتك، إنني لا أحتاج شيئا منك على الإطلاق، وفي لحظات سأكون قد غيرت ملابسي المبتلة وذهبت إلى فراشي، طاب مساؤك، إن لدى عملا كثيرا صباح الغد". و توجه إلى المطبخ حيث صب بعض الماء الساخن على شيء من النبيذ شربه جرعة واحدة، وغير ملابسه ثم ذهب إلى الفراش. و لكنه لم ينم ـ بالطبع ـ و بعدها بساعة عندما تحركت زوجته البدينة إلى جواره تصنع النوم. وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي استيقظ جريمى وخرج من منزله على الفور دون تناول طعام الإفطار فعمدة البلدة لا يسكن بعيدا عنه، وعلى الباب دق جريمي بيده بقوة حتى أيقظ العمدة الذي خرج إليه بملابس النوم وهو غاضب، قال جريمي:" جئت لأبلغ عن قتل آني جرينوود". رد العمدة:" قتلى من؟ من قتلها. أم أنك تعترف بالجريمة؟" قال جريمي:" إنني أتهم جون شارب وجيمس واكر بالتعاون معا لقتلها أمس، وإذا ذهبنا إلى منزل والديها سنتأكد يقينا من أنها لم تعد إلى المنزل طوال أمس. فدعاه العمدة للدخول، ثم صعد لتبديل ملابسه، ثم نزل وطلب منه الانتظار حتى يذهب هو بنفسه إلى منزل جرينوود، وبعد نصف ساعة عاد العمدة وهو يقول:" إن السيدة جرينوود قلقة للغاية، وتحدثت عن تصرفات ابنتها خلال الأسابيع الماضية وقالت:" إنها لم تعد الليلة الماضية، وهي أول مرة تتغيب فيها عن منزلها طوال عمرها". فقال جريمي:" وإذا أخذتك إلى قبرها أيها العمدة، هل ستصدق عندما ترى عنقها المقطوع أنها قتلت". رد العمدة:" إذا رأيت كل هذا ستكون هناك مسرحية حمقاء، فهذه أخطر تهمة يمكن توجيهها لاثنين من المواطنين، وربما كان من الأفضل أن تعلن اتهامك ـ إذا كنت لا تزال مصرا ـ في حضور هذين الشخصين وسوف استدعيهما". " ألن تأتي معي لتتفقد المقبرة؟" " ليس بعد، إذا كان هناك اتهام خطير مثل هذا فإن هذين الشخصين اللذين تتهمهما يجب منحهما فرصة الرد". قال جريمي:" ولكن، الجثة". قال العمدة:" الجثة يمكن أن تنتظر، فحتى لو عثرت على الجثة، وتأكدنا أنها تخص آني جرينوود فمن يقول إن هذين الشخصين متورطان في قتلها؟ إن حقهما هو أهم ما في الموضوع بعد هذا الاتهام، وإذا كانت آني جرينوود قد ماتت فإنه لا توجد قوة على ظهر الأرض يمكن أن تعيدها، ولكن هذين الشخصين سيفقدان على الأقل جزءا من سمعتهما، وربما حياتهما، إذا كانت لأي منهما علاقة بالجريمة، وإذا لم تكن لها علاقة، فإن الطين سوف يظل ملتصقا بهما للأبد، وعليه تصبح الخطوة الأولى هي إعلان الاتهام رسميا في وجودي". سأل جريمي:" بدون جثة، وبدون دليل على لعبة حمقاء؟" قال العمدة:" نعم، إن هذا هو أخطر اتهام يمكن أن توجهه يا جيمس جريمي، وسوف أتخذ كل الإجراءات". وفي المساء تم إعلان الاتهام رسميا، وأنكر المتهمان، وكانت التهمة المضادة هي أنه ما دام جيمس جريمي هو الوحيد الذي يعرف أن جرينوود قتلت، فإن المنطق هو توجيه الاتهام إليه بأنه هو القاتل، شحب لون جيمس عندما سمع هذا، وأدرك فجأة أنه عندما عاد إلى المقبرة وحفر بحثا عن جثمان الضحية، لم يجد شيئا، وفي المساء، وبينما هو في فراشه بجوار زوجته التي كانت تغط في نوم عميق سمع جيمس الصوت الواهن الذي أصبح يرعبه، كان الصوت شديد الوهن:" تذكر يا جيمس ما قلته لك، سيملأ شبحي أحلامك إلى الأبد". وفي اليوم التالي أصر على اصطحاب العمدة، إلى مكان القبر، ولكن عندما ذهبا وجد أنه نسى أي شجرة سنديان وقف هو وشبح جرينوود إلى جوارها على بعد 11 خطوة، إن هناك عشرات الأـشجار، ونفذ صبر العمدة ورفض الاستمرار في البحث. وذهب جيمس وحده في اليوم التالي لاستكمال البحث، دون جدوى، وفي المساء سمع نفس الصوت الواهن يذكره بما قال. بعد أسبوع بدأ نظر القضية أمام العمدة، وكان جيمس يذهب كل يوم للبحث عن القبر، وبدأ يواجه الأعين تتهمه هو نفسه بينما هو لا يستطيع إيجاد الدليل على اتهامه. وذات ليلة بينما هو نائم جاءته فكرة الذهاب إلى نفس المكان في نفس الوقت الذي ذهب فيه أول مرة، وبعد أن سار لمسافة نصف ميل تقريبا وقف ليجد نفسه بالفعل بجوار شجرة سنديان، وبدأ يعد خطواته، وفي الخطوة الحادية عشرة وجد القبر. وبدأ يحفر، ليجد الإناء المملوء بالدم، وترك القبر مفتوحا، وعاد بعد ساعات قليلة إلى منزل العمدة. وحكى القصة وطلب بعض الشهود، واثنين من حفرة القبور المحترفين، وذهبوا جميعا في حضور العمدة وحفروا ليجدوا الجثة، وخلال ثلاثة أيام انتهى نظر القضية وصدر الحكم بشنق الرجلين، ولكن تنفيذ الحكم تأجل لمدة أسبوع حيث تقدما بالتماسات العفو، ثم في الأسبوع الأخير من عام 1681 تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا في كل من جون شارب وجيمس واكر، وفي تلك الليلة وبينما جيمس جريمي في طريقه إلى فراشه همس أحلى وأنغم صوت في العالم في أذنيه:" شكرا يا جيمس، وليباركك الله، إنني لن أضايقك مرة أخرى".
السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة السحر سحر السحرة سحرة |
الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010
انتقام أم لم تلد بعد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق